قال المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام أنه مع انتهاء النصف الأول من شهر رمضان المبارك واقتراب عيد الفطر السعيد، أصدر المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، كعادته في كل سنة، رسالة تهنئة إلى المسلمين حول العالم. وقد حملت موضوعها لهذا العام “المسيحيون والمسلمون: موضوع رحمة الله وأدواتها”.
وأضاف المركز في بيان له، اليوم السبت، أن الرسالة حملت توقيع رئيس المجلس الكاردينال جان لويس توران. وجاء فيها “إن الاحتفال بشهر رمضان وبعيد الفطر السعيد لهو حدث هام لكل المسلمين، عماده الصوم والصلاة وصالح الأعمال، وهو في الوقت نفسه حَدَث عزيز على أصدقائكم وجيرانكم المسيحيين. فباسم المجلس وباسم المسيحيين في العالم بأسره، نقدّم لكم أطيب الأماني بصيام مقبول مشفوع بالأعمال الصالحة، وبعيد سعيد”.
وأضافت الرسالة “إنّ الرحمة موضوع غالٍ على قلوب المسلمين والمسيحيين سواء بسواء. فنحن نعلم أن المسيحية والإسلام ديانتان تؤمنان بإله رحيم، يُظهر رحمته ورأفته نحو خلائقه كافة، وبخاصة بني الانسان. فقد خلقنا عن حُبّ كبير. وإنه رحوم بعنايته بكلّ واحد منّا، واهبا إيانا من كرمه ما نحتاج اليه لحياتنا اليومية من طعام وملجأ وأمان. غير أن رحمة الله تعالى تتجلّى على وجه الخصوص عندما يغفر لنا ذنوبنا؛ إنه الغافر وإنه الغفور. وفي سبيل إبراز أهميّة الرحمة، فقد أعلن قداسة البابا فرنسيس يوبيل سنة الرحمة، بدأ الاحتفال به يوم الثامن من شهر كانون الأول 2015 وينتهي في العشرين من تشرين الثاني 2016”.
وتابع المجلس البابوي للحوار بين الأديان في رسالته “إنّ حجّكم إلى الأماكن المقدسة، لاسيما مكة والمدينة، هو بالتأكيد زمن خاص لعيش رحمة الله. وفي الواقع، فإنه من بين الأدعية للحجّاج المسلمين: “حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور”. وبالإضافة الى ذلك، فإنّ الحجّ، ابتغاءً لمغفرة الذنوب من الإله الرحيم، للأحياء والأموات، ممارسة جَدّ محمودة بين المؤمنين”.
وشددت الرسالة الصادرة من الفاتيكان في 17 حزيران الحالي “نحن مدعوون، مسيحيين ومسلمين، إلى الإقتداء بالله تعالى. الله الرحيم يطلب منّا أن نكون بدورنا رحماء وشفوقين نحو الآخرين، وبخاصة أولئك الذين هم في أيٍّ من أشكال الحاجة. كما أنه يطلب منا أن يغفر أحدنا للآخَر. عندما ننظر إلى البشرية اليوم، ينتابنا الحزن بسبب الضحايا الكثيرة للصراعات والعنف -نفكّر هنا على وجه الخصوص في المسنّين والأطفال والنساء، وبخاصة أولئك الذين هم ضحايا الإتجار بالبشر- وبسبب الكثيرين ممن يتألمون من الفقر والمرض والإدمان والكوارث والبطالة”.
كما أكدت الرسالة الصادرة بالقول “فلا نستطيع، والحالة هذه، أن نُغلق أعيننا أمام هذه الحقائق أو نُحيد ببصرنا عن هذه الآلام. صحيح أن الأوضاع تكون أحيانا بالغة التعقيد وحلّها يتجاوز قدراتنا، ولهذا فمن الضروري أن يعمل الكلّ معاً من أجل إسعاف المحتاجين، بصرف النظر عن عرقهم أو دينهم. وإنه لمن دواعي الرجاء أن نسمع عن مسلمين ومسيحيين يضعون أيديهم في أيدي بعضهم البعض لمساعدة المحتاج. وعندما نعمل سوياً، فإننا نُتمّ وصيّة هامّة توصينا بها كل من ديانتينا ونقدّم، أفراداً وجماعات، شهادة أكثر مصداقيّة لما به نؤمن”.
وختم الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، رسالته بالقول “أعاننا الرحيم القدير على أن نسير دوما على دروب الخير والرأفة! ونضمّ تمنياتنا وأدعيتنا الى أماني البابا فرنسيس ودعائه، سائلين لكم من الله تعالى فيض البركات في شهر رمضان وعيد فطر يملؤه السرور”.
وقال الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، تعقيباً على رسالة الفاتيكان، بأنها تأتي في سنة الرحمة التي تشكل أرضية مشتركة للعلاقات بين أتباع الدينتين الإسلامية والمسيحية. وعلى أرض الواقع، أضاف بأن هذا العام مميز في الأردن بتنظيم وجبات إفطار يومية ومجانية في مطعم افتتحته جمعية الكاريتاس الخيرية، ويحمل اسم السنة هذه أي مطعم الرحمة. وقال بأن زيارة جلالة الملكة رانيا العبدالله إلى المطعم، ضمن زيارتها لجمعية الكاريتاس الاردنية قبل أيام، قد اعطت دفعة معنوية جديدة، في نفوس العاملين فيه والمشرفين عليه أو المتطوعين يومياً للعمل معهم. وقد توافقت زيارة جلالتها مع إقامة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم مأدبة افطار لمسؤولي الدولة والمجتمع، حضرها كبار رجال الدين من الديانتين الشقيقتين لدينا، ترسيخاً للصورة الأردنية الأسرية الواحدة المتراصّة.
وختم بقوله إن الاردن الذي يرتفع فيه في كل حين مسجد جديد أو كنيسة جديدة ، شأن كنيسة شهداء الأردن في القرون الأولى للمسيحية، التي تفتتح هذه الأيام في منطقة مرج الحمام، ليس غريباً عليه إقامة موائد رمضانية مشتركة، وهي لا تخلق -بل تعزّز- اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي. وأنّ سنة الرحمة في شهر الرحمة -رمضان- يجعلنا نفكر سوية بالاتيان دائماً بما هو مفيد لخير مجتمعنا الأردني بمختلف مكوناته وأطيافه، مما سينعكي على الطمأنينة وأجواء التسامح في العالم أجمع.