قام البابا فرنسيس اليوم في المحطة الأولى من زيارته إلى أرمينيا التي تحتفل بالذكرى الخامسة والعشرين على استقلالها وتوجّه إلى الشعب الأرمني عند لقائه برئيس الجمهورية الأرمنية. ننقل إليكم أبرز ما جاء في حديثه:
“السيد الرئيس، السلطات المحترمة ، السيدات وسادة أعضاء السلك الديبلوماسي،
في البداية أريد أن أعرب عن سروري الكبير لوجودي بينكم في هذا الوطن العزيز الذي أقدّر وأحب بالنظر إلى ما أظهره أبناؤه من شجاعة وعمل في سبيل السلام… إنّ العودة إلى دراسة الحقائق التاريخية بالعمق تتضمّن أمورًا متعددة وإنّ هذه العبارات التي أرغب بتوجيهها إلى مقامكم هي تعابير تضمن ما أكنّ في قلبي من محبة لكم ولشعبكم. السيد الرئيس، إنّ الكلمات التي وجهتموها باسم الأعضاء الرسمية تملأ قلبي فرحًا وأود أن أبادلكم تعابير الشكر والترحاب نفسه وإن الاحتفال الذي أقمناه العام الماضي في بطرس بمشاركة الكاثوليكوس لا تزال ذكرياته محفورة في قلبي.
وإنني أذكر المثلث الرحمة بطريرك الكنيسة الكاثوليكية الذي عاد إلى بيت أبيه السماوي وأريد التذكير بالشر الكبير وبالمآسي الكبيرة التي حصلت فكانت مأساة ومجزرة وأحدثت دمارًا أثناء السنوات الأولى من مطلع القرن العشرين وأودت بحياة عدد كبير من المؤمنين من إكليروس ورهبان وعلمانيين وأطفال أبرياء…”
وأضاف: “أريد أن أبدي إعجابي بالشعب الأرمني وبتمسّكه بالإنجيل على مدار التاريخ… كم هو مهم تغلغل الإيمان المسيحي في شرايين أبنائكم وهذا الإيمان هو الذي يدعوكم إلى رفض العنف والتخلي عن الحقد والترفّع والعمل في سبيل نشر أسس التسامح بموضوعية ومسؤولية وحكمة حتى نتجنّب السقوط في مآسٍ. إنّ الجهود الحثيثة والمعاكسات الحاصلة والعمل المضني في سبيل السلام تشكّل الحجر الأساس في البحث عن الطرق المؤدية إلى إحلال السلام والتطلّع صوب المستقبل.
ترغب الكنيسة الكاثوليكية بالعمل والتعاون مع كل الأشخاص على أسس الاحترام حتى تنقل معهم القيم وإنّ على كل الأشخاص الذين يعلنون إيمانهم بالرب بذل مساعيهم في سبيل حمل مشاريع منتجة ومؤدية إلى إحلال السلام. عليكم تجنّب استغلال اسم الرب في مشاريعكم الخاصة! إنّ المسيحيين على الرغم مما يتعرضون له من اضطهاد في العالم هم مدعوون إلى التغلب على نتائج الصراعات والأحزان التي تسببها تلك الصراعات في مناطق متعددة من العالم.
أريد من على هذا المنبر توجيه دعوة للمسؤولين للعمل بشجاعة وإطلاق مبادرات والعمل في سبيل إيجاد السلام وتحقيقه في سبيل ترقي الإنسان والبشرية. تعرّف الشعب الأرمني الذي عاش وسط هذه الأوضاع إلى الآلام والاضطهاد ولكنه يحفظ في ذاكراته ليس فقط جراحات الماضي ولكن أيضًا الشجاعة التي دفعته الى المحافظة على الإيمان وعلى هذا الأساس أدعوكم كي تبقوا شجعانًا! يصادف هذه السنة ذكرى 25 سنة على استقلال أرمينيا وأستغلّ هذه المناسبة لأجدد شكري على ما حققتموه وهذه الاحتفالات ستكون معبّرة إذ أصبحت بالنسبة إلى كل الأرمن لحظة خاصة للاستفادة في سبيل تعزيز التعاون بين الشعب الأرمني وتحقيق الإزدهار هذا يعني العمل الإيجابي في سبيل المحافظة على نشر قيم العدالة والسلام”.
وختم قائلاً: “تاريخ بلدكم مترابط مع هويتكم المسيحية. هذه الهوية المسيحية يجب أن تشكّل حاجزًا أمام تغلغل العلمنة الزائفة والتي تسعى إلى ضرب مقومات مجتمعكم. إنّ التناغم بين كل الأرمن في سبيل العمل وكل واحد من موقعه في سبيل النهوض بالأمة سيجعل من أرمينيا جمهورية واحدة. الكنيسة الكاثوليكية وعلمًا أنها حاضرة في أرمينيا هي على أتم الاستعداد في تقديم اسهامها في سبيل ربط الأمة لاسيما إلى جهة المحتاجين والمهمّشين والمعوزين”.