اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي- الإسلامي تطلق سلسلة ندوات عن الرحمة في المسيحية و الإسلام

اطلقت اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي – الإسلامي سلسلة ندوات عن الرحمة في المسيحية والإسلام، ستشمل كل لبنان. الندوة الأولى كانت في مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك في زحلة، بحضور رئيس اللجنة ورئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش، الأمين […]

Share this Entry

اطلقت اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي – الإسلامي سلسلة ندوات عن الرحمة في المسيحية والإسلام، ستشمل كل لبنان.
الندوة الأولى كانت في مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك في زحلة، بحضور رئيس اللجنة ورئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش، الأمين العام للأوقاف في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ حسن شريفة، امام بلدة سحمر القاضي الجعفري الشيخ اسدالله الحرشي، وعدد كبير من الكاترة في الجامعة اللبنانية من زحلة وبيروت، رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات ايلي سرغاني واعضاء النادي، وادار الندوة الدكتور جورج حرب.
درويش
المطران درويش رحّب بالحضور وأوضح الغاية من سلسلة الندوات التي اطلقتها اللجنة في مختلف المناطق اللبنانية في سنة الرحمة الإلهية، وقال : ” نرحب بكم أيها الأحباء في هذه الندوة حول الرحمة في المسيحية والإسلام. أردنا من زحلة أن نبدأ سلسلة ندوات في جميع أنحاء المدن اللبنانية.
البابا فرنسيس أصبح يعرف في العالم بأنه بابا الرحمة، وجه كل المسيحيين هذه السنة بان يكتشفوا من جديد معنى الرحمة ودعاهم ليعيشوها في حياتهم اليومية وأن يختبر كل واحد حب الله ولنفهم أكثر ما قاله لنا يسوع “كونوا رحماء كما أن الله أباكم رحيم” (لوقا6/36). سنة يلمسنا الرب ويشفينا ويكون قريبا منا.
المهم أن نتعلم كيف نستقبل رحمة الله في قلوبنا ونكتشف أن رسالة اللإنسان هي رسالة رحمة ورسالة تعزية.
الإنسان المؤمن الذي خُتم بنعمة الروح القدس، حصل على النعمة بأن يكون بدوره رسول الرحمة ورسول التعزية. يقول الرب: أنا الذي يعزيكم” (اشعيا 66/13).”
وأضاف ” تعزية الله تعطينا القوة وهي أقوى من كل كلمات البشر، عندما يعزينا الرب يكون حاضرا معنا، يقدم لنا حبه ويمنحنا رؤية جديدة ويعطينا الحنان الذي يجعلنا نشعر بحرارة العلاقه معه. وأخيرا يكتب معنا عهدا جديدا “أنا الرب أُحب العدل ..أعاهدُكم عهدا أبديا” (أشعيا61/8).
المطلوب منا أن نكتشف من جديد قوة رحمة الله ودورها في حياتنا الشخصية. فرحمة الله هي نبع الماء الحي الذي يروي حياتنا.
يخبرنا الإنجيل أن يسوع التقى مع السامرية التي أتت تستقي من البئر، ويسوع قاربها وطلب منها أن تعطيه ليشرب فالذي بإمكانه أن يقدم للمرأة الماء الحي يطلب هو الماء ليشرب. بهذا علمنا يسوع بأن أفضل طريقة لندخل إلى قلب الآخر هو أن نكون أصغر، أكثر تواضعا وأكثر انفتاحا.
قال لها يسوع “الذي يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد”. والأعجوبة تكون في أننا نصير نحن ينبوع ماء: “الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء إلى الحياة الأبدية”.
هكذا الحنان الذي نأخذه من الرب يصير حنانا للآخرين، فعندما يسكن فينا يسوع يريد منا، أن نوزعه محبة وتعزية وحنانا. لأنه لا يمكننا أن نحصر الينبوع لنا وحدنا..
الله أراد بحنوه علينا أن نفرغ من قلوبنا القسوة والوحشية واحتقار الآخر. الإنسان الحنون يشع منه روح السخاء والكرم والتضحية والانتباه والمشاركة. هو فرح وقوي كالجدار الذي لا يتزعزع. الإنسان الحنون وديع ومتواضع ونقي يشع منه هدوءا وسلاما وهو ممتلئ من حضور الله.
عندما قال لنا يسوع: “كونوا رحماء كما أن أباكم السماوي هو رحيم” (لوقا 6/36). أرادنا أن نكون شهودا لرحمته. ودعوتنا هي أن نكون أعضاء حيّة وفعلة ناشطين في مجتمع يهتم بالبشر، وبخاصة من المجروحين في هذه الحياة.”
وتابع درويش ” ماهي الأفعال الحسية التي يمكن أن نفعلها لنعيش الرحمة؟ كل واحد مدعو ليختار ما يناسبه من أعمال الرحمة:
نقدم الطعام لجائع،  نقدم الماء لعطشان، نقدم قطعة ثياب لفقير، نستقبل أحد الغرباء،  نساعد مريض،  ننصح إنسان يشعر بقلق أو تعب أو يمر بمحنة،  نعزي الحزانى،  نغفر لمن اساء الينا،  نتحمل من يزعجنا، نصلي من أجل الآخرين.
أعمال الرحمة تساعدنا ليكون قلبنا مليئا بالرحمة، وباللطف والوداعة وعمل الخير”
وعن الرحمة قال درويش ” إن الاحتفال بشهر رمضان وبعيد الفطر السعيد هو حدث هام لكل المسلمين، وهو حدث مهم لنا نحن المسيحيين المشرقيين. لذلك يسرني اليوم أن أقدم لكم والى كل المسلمين أطيب الأماني بصيام مقبول لدى الله وكل عيد وانتم بخير.
وجه الكردينال توران، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان رسالة للمسلمين جاء فيها:
نتحدث اليوم عن الرحمة والرحمة موضوع مهم  للمسيحي كما للمسلم. فنحن نعلم أن المسيحية والإسلام ديانتان تؤمنان بإله رحيم، يُظهر رحمته ورأفته نحو خلائقه كافة، وبخاصة بني الانسان. فقد خلقنا عن حُبّ كبير. وإنه رحوم بعنايته بكلّ واحد منّا، واهبا إيانا من كرمه ما نحتاج اليه لحياتنا اليومية من طعام وملجأ وأمان. غير أن رحمة الله تعالى تتجلّى على وجه الخصوص عندما يغفر لنا ذنوبنا؛ إنه الغافر وإنه الغفور. ..
وشددت الرسالة الصادرة من الفاتيكان في 17 حزيران الماضي “نحن مدعوون، مسيحيين ومسلمين، إلى الإقتداء بالله تعالى. الله الرحيم يطلب منّا أن نكون بدورنا رحماء وشفوقين نحو الآخرين، وبخاصة أولئك الذين هم في أيٍّ من أشكال الحاجة. كما أنه يطلب منا أن يغفر أحدنا للآخَر. عندما ننظر إلى البشرية اليوم، ينتابنا الحزن بسبب الضحايا الكثيرة للصراعات والعنف -نفكّر هنا على وجه الخصوص في المسنّين والأطفال والنساء، وبخاصة أولئك الذين هم ضحايا الإتجار بالبشر- وبسبب الكثيرين ممن يتألمون من الفقر والمرض والإدمان والكوارث والبطالة”.
كما أكدت الرسالة الصادرة بالقول “فلا نستطيع، والحالة هذه، أن نُغلق أعيننا أمام هذه الحقائق أو نُحيد ببصرنا عن هذه الآلام. صحيح أن الأوضاع تكون أحيانا بالغة التعقيد وحلّها يتجاوز قدراتنا، ولهذا فمن الضروري أن يعمل الكلّ معاً من أجل إسعاف المحتاجين، بصرف النظر عن عرقهم أو دينهم. وإنه لمن دواعي الرجاء أن نسمع عن مسلمين ومسيحيين يضعون أيديهم في أيدي بعضهم البعض لمساعدة المحتاج. وعندما نعمل سوياً، فإننا نُتمّ وصيّة هامّة توصينا بها كل من ديانتينا ونقدّم، أفراداً وجماعات، شهادة أكثر مصداقيّة لما به نؤمن.”
وختم درويش  درويش ” نعترف اليوم أمام بعضنا بأننا لا نعيش الرحمة ولا نعرف الوداعة وبعيدين عن اللطف، فإذا لم يكن قلبنا رحيما نحن مازلنا بعيدين عن الله. والإنجيل مليء بكلمات الحُبّ، والرحمة، والمغفرة، والفرح
عندما نرحم الآخرين نعطيهم ثقة جديدة بحياتهم ونساعدهم ليتصالحوا مع الله ومع أخوتهم ومع المجتمع.
في اللغة العربية كلمة الرحمة تعود الى كلمة ” الرحم” أي الام التي تستقبل الجنين في احشائها ويلتصق بها، وبما أننا أولاد الله يستقبلنا في “رحمه”، يضمّنا اليه ويحملنا على منكبيه كما حمل الخروف الضائع الذي ضل الطريق. المؤمن يجب أن يكون مختبرات رحمة.”
شريفة
المداخلة الثانية في الندوة كانت للشيخ حسن شريفة فقال :” بداية اتوجه بالشكر الخاص وبشعور عميق مفعم بالمحبة والإحترام الى أخي وصديقي سيادة المطران عصام درويش صاحب المبادرات الوطنية وصاحب الحس الإنساني المرهف العاكس لصورة لبنان. لبنان الإنفتاح، لبنان الحوار والتلاقي.
وتحية الى عروس البقاع زحلة
الى المدينة التي لملمت دخان الغربة وجعلته للصباح ندى، للمدينة المضاءة للوافدين بزيت وقوده عصارات الزيتون العابرة للطوائف.
زحلة ايتها السنديانة المعبرة عن التاريخ والعنفوان في آن.
زحلة اسمحي لي أن ابدأ بالعنوان الذي منه البيان
الإسلام دين الرحمة.
في البداية اربكني العنوان لأن افكاري جالت بين المبادئ النورانية، وبين الصورة الخاطئة التي يقدمها اهل التطرف والتكفير، وسرعان ما انقذني ربي بخطاب الهي مباشر لنبيّه الأمين عبر القرآن الكريم ” وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ” .”
اراد البعض ان يقزم المعنى ويحصره بالمسلمين ويتجاوز المقصود، بل الرحمة تشمل كل العوالم أكان بشراً أم حجراً وما كان تحريم تلوث البحار والأنهار وقطع الطرقات وصيد التسلية والإعتداء على الجار وقطع صلة الأرحام ” الا رحمةً برب العالمين ” ”
وأضاف “وهذه المبادئ تتلائم مع كل الأديان السماوية، ومن الرحمة ايضاً ان تكون الدعوة من الله سبحانه بالكلمة الطيبة والقول الحسن والحوارحيث قال سبحانه في القرآن الكريم :
ادعُ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن، إن ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين
ومن الرحمة ايضاً ان سبحانه وتعالى كرّم الإنسان بغض النظر عن لونه وعرقه وهويته، بقوله تعالى : ” ولقد كرّمنا بني آدم
ومن ينتمي الى الإسلام حقيقة يأخذ مثله الأعلى نبي الرحمة حيث قال ” المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ” . المسلم لا يخطف مطراناً ولا يقتل شيخاً ولا طفلاً ولا اسيراً ولا يدمر معبداً، كنيسة كانت ام مسجداً، ولا يعتدي على حضارة ويدمرها، ولا يدمر العلم ليعيد الناس الى الجهل، ولا يفرق بين ذكر وانثى بكلمات ما انزل الله بها من سلطان. المسلم هو مواطن قبل كل شيء يحب ان يكون لوطنه رئيساً ويحب ان تعمل المؤسسات وتخرج من نفق مظلم اسمه التمديد والوكالة والإنابة والتكليف، ويحب ان يأخذ المجلس النيابي دوره بالتشريع. هو المواطن الذي يؤمن بالتعايش بين ابناء الوطن مع اختلاف مشاربهم والوانهم وطوائفهم.
هو المواطن الذي يتألم على اخيه المواطن بغض النظر عن المنطقة والدين.”
وعن احداث القاع قال شريفة “ما جرى في القاع من عمل ارهابي، آلم الوطن كل الوطن، فليكن هذا الجرح بمثابة دعوة لجعل الوحدة الوطنية اولوية في مواجهة الأخطار المحدقة بنا جميعاً، ورأٍ الأولويات الوقوف الى جانب الجيش اللبناني بكل ما اوتينا من قوة، ونؤدي له التحية على عمله الجبار بكشفه للمخططات الجهنمية التي تتربص بنا الشرور، ونطالب المعنيين بإخراجه من التسييسودعمه بما يتلاءم مع مهماته الموكلة اليه.
وفي الختام، فليعلم القاصي والداني اننا شركاء مع المسيحيين بكل ما للكلمة من معنى لأن الشرق الخالي من الوجود المسيحي انما هو ظلام دامس.”
الحرشي
المداخلة الثالثة كانت للشيخ اسدالله الحرشي الذي قال :” قد يكون لأول مرة اتشرف بالحضور في هذا المكان الكريم وذلك بدعوة كريمة من سيادة المطران عصام درويش الذي ما ان حضر الى هذه المنطقة حتى احبته ارواحنا ومالت اليه قلوبنا لما عنده من دماثة وخلق وتواصل مع كل الأطياف.
المحبة والرحمة امران متلازمان.”
وأضاف ” هذه الندوة في اصل وجودها تعبّر عن رحمة وعن محبة لأن التلاقي هو من الأمور المهمة في مجتمعاتنا وفي بيئتنا وفي البقاع وعلى رأسها هذه المدينة الكريمة التي ننشدّ نحوها كلنا، وهي مدينة زحلة الطيبة بأهلها وبكبارها وبرجالات دينها وبمثقفيها.
الله سبحانه وتعالى يقول عن الرحمة في محكم كتابه القرآن الكريم ” محمّد رسول الله والذين آمنوا معه، اشداء على الكفار، رحماء بينهم، تراهم ركّعاً سجّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، سماههم في وجوههم من اثر السجود، كذلك مَثَلهم في التوراة ومَثَلهم في الإنجيل مثل زرع اعجب الكفّار نباته…. ”  حيث تُبين لنا هذه الآية بشكل واضح ودقيق بأن محمداً وكل الأنبياء هم انبياء الرحمة، انبياء المحبة، انبياء التواصل، انبياء الإستماع، وأم مثل اتباع محمد هم موجودون عبر التاريخأمثال أمة موسى وأمة عيسى سلام الله عليهم اجمعين. مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل  وهم موجودون بهذه الصفات  وبهذه الميزات، ولذلك يحملون في قلوبهم الرحمة والعطف والحنان والمحبة، لأنهم يستندون في حركتهم وفي عطائهم وفي وجودهم وفي تفاعلهم الإجتماعي من خلال رحمة الهية وهبها الله فطرة لبني البشر، بجيث يجعلني ان اتراحم معك ولا اقسو عليك وأن تتراحم معي ولا تقسو علي حتى ولو اختلفنا في الأديان او في المذاهب او في الارؤى الفكرية لأنه كما تقول الآيات القرآنية الكريمة وتبين لنا هذا النهج ” وانا أو اياكم لعل هدىً أو في ظلام مبين ”  الآية التي تدعو الى مسألة الحوار والتحاور والتعاطي، اذ لا يجوز ابداً في حال من الأحوال ان انظر الى نفسي وأعبد الأنا بل هناك اناس مخلوقون في هذه الدنيا يجب علي أن احترمهم وأن اقدرهم وأن اتفاعل معهم، كما بيّن لنا علي سلام الله عليه في وصيته لمالك الأشتر، تلك الوصية المبدعة الخلاّقة التي تصلح لأن تكون عنواناً للعدل وللثقافة وللتعاطي الإنساني البشري ” الناس صنفان: اما اخ لك في الدين أو نطير لك في الخلق ”  وسواء كان أخي في الدين فيجب علي أن اتراحم معه وأن اتعاطف معه وأن احبه ويحبني، أو كان نظيراً لي في الخلق فالله سبحانه وتعالى كرّم الإنسان بحد ذاته بغض النظر عن كونهملماً او مسيحياً او يهودياً وانما ككونه مخلوقاً لله، جُعلت له هذه الكرامة. والله يبين لنا في حالة من الأحوال انه ” من قتل نفساً بغير نفسٍ او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً “.”
وختم حرشي داعياً الى المزيد من اللقاءات ” اشكر هذه الدعوة مجدداً، انشاءالله تتكرر هذه المناسبات في هذه الدار الكريمة التي نحترمها ونجلّها ونعتبرها مرجعية كبرى في منطقتنا وفي البقاع. نحن بحاجة ماسة،خاصة في هذه الظروف الصعبة السيئة التي تمر عللى لبنان وعلى الأمة، لمثل هذه اللقاءات الحوارية المفيدة والبنّائة.”
ثم كانت مداخلات على التوالي للدكاترة جوزف معلوف، عاطف الحكيم، مخايل الحداد و فيفيان شويري عن الرحمة في الحياة اليومية وكيف نعيشها في ظل المتغيرات في المجتمع. كما كانت نقاشات من جميع الحضور. وفي ختام الندوة دعا المطران الجميع الى حفل افطار اقيم في مطرانية سيدة النجاة على شرف الحضور.

Share this Entry

خليل عاصي

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير