هل تساءلتم يوماً لماذا تشكّل الحياة تحدياً؟ ففي العديد من الحالات، يبدو لنا أنّ النضال لا ينتهي: نواجه مشاكل ضمن عائلاتنا وفي عملنا، نناضل في سبيل العيش وتسديد فواتيرنا، ونرى حولنا أشخاصاً يعانون من أمراض وعلاقات مفكّكة، وإلى ما هنالك من معاناة لا حدود لها. إلّا أننا نسينا أمراً بغاية الأهمية، وهو أنّ يسوع حذّرنا (في إنجيل القديس يوحنا 16: 33) من أنّ الأمور لن تكون سهلة. “قلتُ لكم هذا ليكون لكم سلام بي. ستعانون الشدّة في هذا العالم، فتشجّعوا. أنا غلبت العالم”.
لكن ما معنى هذا؟ أيعني هذا أنه حُكم علينا بحياة مليئة بالمعاناة والصعوبات؟ وهل علينا أن نبقى محبطين ونسمح للخوف بأن يسيطر علينا؟ أبداً… في الواقع، إنّ العكس هو صحيح، بناء على ما ورد في مقال نشره موقع eatingmanna.com الإلكتروني، سنستعرض تفاصيله معاً.
هل عليّ أن أنتظر أياماً أفضل؟
ماذا علينا أن نفعل بالتحديات التي نواجهها؟ في الفصل الأوّل من رسالته، يتكلّم القديس يعقوب عن هذا قائلاً: “افرحوا يا إخوتي حينما تقعون في مختلف أنواع المحن. فأنتم تعرفون أنّ امتحان إيمانكم فيها يلدُ الصبر. فليكن الصبر حافزاً لكم على العمل الكامل حتّى تصيروا كاملين من جميع الوجوه، غير ناقصين في شيء”.
من هنا، يمكن القول إننا مدعوّون لإيجاد الفرح والقوّة في المعاناة، وعدم التّوق لانتهائها. لم يقل يسوع يوماً إنّ هذه الأمور ستتحسّن، بل قال إنّه غلب العالم، كما وطلب أن يكون لنا سلام به، وهذا يعني أننا نستطيع الحصول على ذاك السلام، فهو ملجأنا في هذه الحياة. وإن تأمّلنا في مقاربة صغيرة، نجد أنّ هذا ممكن. تخيّلوا أنكم تمشون على الطريق تحت المطر. وحتّى لو كنتم ترتدون سترة واقية، إلّا أنها لا تساعد كثيراً. لكن إن كنتم في الظروف نفسها في سيّارتكم، ستجدون أنّ شعوركم أفضل بكثير، بحيث أنّكم شغّلتم المسّاحات لتروا بشكل أفضل، كما وشغّلتم جهاز التدفئة وها أنتم تشعرون بأنّ لكم ملجأ من المطر.
هنا، يمكن القول إنّ التفصيل في اختبار السلام والفرح لا يكمن في الأمل بتوقّف المطر، بل بالشعور بالدفء والجفاف. وهذا كلّه يحصل في فكرنا، كما يشير إليه القديس يعقوب بقوله “افرحوا”، والقديس يوحنا بقوله “تشجّعوا”. فهل هناك شجاعة في القلق والخوف؟
كيف يمكنني أن أواجه الصعوبات؟
نحن مدعوّون مراراً وتكراراً إلى عدم الخوف وإلى التحلّي بالشجاعة. وهذا الأمر يتطلّب جهداً وفكراً متجدّداً. إنّ العقل الشجاع يتفوّه بالكلمات الشجاعة، وعلينا التحكّم بأفكارنا لأنّ بها خطوة نحو حياة خالية من الخوف والقلق اللذين يتطلّبان أيضاً جهداً. فلمَ نبذل جهدنا عليهما بدلاً من بذله على عدم الخوف والتحلّي بالشجاعة؟
علينا البدء بالتفكير في حوارنا الداخلي. وإن تغلّبت علينا التجربة ورأينا أنّ هذا لا يساعد، وأنّ سَير الأمور يحبطنا، بدون أن ننسى الجمل السلبية التي نسمعها من كلّ صوب، على كلّ واحد منّا أن يغذّي نفسه بكلمات شجاعة وقوّة، لا سيّما بجمل مثل: “أنا مميّز ومحبوب من الله”.
كلّ هذا يتطلّب عملاً، لكنّه التزام يستحقّ العناء. لقد وعدنا الله أن يكافئنا على ثباتنا خلال تجارب الحياة. “كلّ سلاح يُشهَر عليك لا يصلح، وكلّ لسان يشهد عليك في القضاء لا يصدق. هذا ميراث عِبادي وتبريرهم الذي ينالونه منّي” (إش 54: 17)
وهذا كلّ ما نحتاج إليه! إن أردنا البقاء بسلام وبقوّة في العالم، فنحن نستطيع ذلك. صحيح أننا سنختبر لحظات خوف وانكسار، لكنّ الله سيُعيدنا إلى ملجأنا وإلى سلامنا. لذا… فلنسمح له بالعمل، وبوضعنا في تصرّفه، ولنُظهر للعالم قوّة تتعدّى أيّ إدراك، وتجعل الآخرين يرغبون في الحصول على ما لدينا، وفي السعي جاهدين لإيجاد الملجأ الذي ننعم به، والذي نحن ممتنّين له.