هل تساءلت يوماً إن كان الله سيسامحك على ماضيك؟ لست أوّل شخص يطرح هذا السؤال، ولن تكون الأخير! فبحسب مقال نشره موقع eatingmanna.com الإلكتروني، كلّ شخص يطرح هذا السؤال على نفسه، وعلى أيّ كاهن يتبادل معه الحوار. وقبل أن نجيب عن السؤال، سنقرّ بالألم الذي يشعر به كلّ واحد منّا، وبالذنب حيال ما اقترفناه كخطأة، عندما سقطنا في فخّ الخطيئة. لذا، فلننطلق من مبدأ وجوب تغيير تفكيرنا وعدم شعورنا بأننا لوحدنا، لنتمكّن من أن نصل إلى نهاية هذه الدراسة… التي ستُريحنا.
الله مختلف عن البشر
إنّ الناس ليسوا كاملين كما تظنّون، فخلف كلّ شخص نلتقيه ماضٍ. نعيش في عالم يعمل بطريقة مختلفة عن عمل الله، لذا نتساءل إن كان سيسامحنا. ففي عالمنا، هناك أشخاص طيّبون وآخرون سيّئون. هناك من أصابهم الجنون، ومن ما زالوا على طبيعتهم. وعادة، ينعم الناس بالسلام عندما يضعون أنفسهم في خانة “الطيّبين”، ويضعون الآخرين في فئة “الأشرار السيّئين”. وهذا ما يساعدهم على الاعتقاد بأنّ مكانهم محفوظ في الجنّة، وبأنّ لديهم قيمة في عالمنا الذي يتقبّلهم. وبهدف المحافظة على هذا الشعور، يميل الناس إلى التقليل من شأن أخطائهم، خاصّة وأنّ العالم يحبّ “الطيّبين” فقط. لذا، إن أخطأتم بطريقة تتعدّى ما يعتقده المجتمع مقبولاً، فلن يسامحكم العالم أو يحبّكم. وبناء على هذا، تتساءلون تحديداً إن كان الله سيسامحكم.
هناك أمران يجب أن نتذكّرهما، أوّلهما أنّ الله مختلف عن البشر، وثانيهما أنّ طريقة تصنيف العالم للأخيار والأشرار ليست هي الواقع. جميعنا خطأة: “فهُم كلّهم خطئوا وحُرِموا مجد الله” (رو 3: 23). البشرية خاطئة، وأبرز ما يطبع بشريّتنا اليوم هو الأنانية والغضب والغيظ وعدم الأمانة والكذب والكبرياء، من بين كمّ هائل من الصفات التي نراها حولنا. لقد ابتعدت البشرية عن الله فوجب أن يتمّ إنقاذها من خطيئتها، لذا كان يسوع “مخلّصنا” الذي مات على الصليب لإنقاذنا. دفع الثمن عنّا، وتلقّى العقاب من أجلنا. هذا هو تعبير الله عن حبّه لنا، الذي يختلف كلّ الاختلاف عن الحبّ البشريّ.
الله لا يصنّف الخطيئة
هناك معلومة أخرى يجب الاطّلاع عليها لنفهم أنّ الله يسامحنا، وهي أنّ الله لا يصنّف الخطيئة. فالله يعاتبنا على جريمة، كما ويعاتبنا على كذبة، لأنّ الخطيئة مهما كانت، هي خطيئة في عينيه. والله يريدنا أن نكون على علاقة متواصلة به، لذا عندما نسعى للوصول إليه لا نعود نخطىء. كما وأنّ الإنجيل يحدّد لنا أنّه علاوة على إنقاذنا، حرّرنا يسوع من خطايانا. من هنا، نقول إنّه ما من خطيئة كبيرة ليسامحنا الله عليها، بل الحقيقة أنّ الله “يستعمل” أصحاب الخطايا الكبيرة بطرق مذهلة: موسى كان قاتلاً، والملك داوود كان مغتصباً وقاتلاً، بدون أن ننسى القديس بولس الذي اضطهد المسيحيين وقتلهم! الله يستخدم الأشقياء، وجميعنا أشقياء.
من المهمّ أن نفهم أننا إن كنّا نحبّ الله ونتقبّل أنّ يسوع مخلّصنا، سيسامحنا على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا لحظة نعود إلى أحضانه، مثل الابن الشاطر. الله يسامحنا ويسامح كلّ مؤمن على وجه الأرض، وإلّا لما كان الأفراد يرفعون أيديهم ويذرفون الدموع خلال ساعات العبادة، لدى إدراكهم ما فعله الله لأجلهم.
“هل سيسامحني الله؟” بالتأكيد، سيسامحني الله! “جاءت الشريعة فكثُرت الخطيئة، ولكن حيث كثرت الخطيئة فاضت نعمة الله” (رو 5: 20). هذه الآية هي الأقوى عندما نحاول أن نفهم إن كان الله سيسامحنا. فما يقوله القدّيس بولس هنا هو إنّ الله أوجد “قوانينه” لأنّه عرف أننا سنخرقها، وكان يخلق لنا فرصة ليظهر لنا أنّه على الرغم من إخفاقاتنا وأخطائنا، فحبّه أعظم منها كلّها!
إنّ فهمنا أنّ الخطيئة سيّئة هو الخطوة الأولى. ومعرفتنا أنّه تمّت مسامحتنا هي الخطوة الثانية. فلنجثُ ولنطلب السماح من الله، ثمّ فلنتوجّه إلى كرسي الاعتراف الذي سيغسلنا من إثمنا. وبعدها، فلنقف بكلّ قوّة، ولنبتعد عن خطايانا وماضينا بدون العودة إلى الخطيئة. ولنستخدم إخفاقاتنا لنظهر للآخرين ما فعله الله بحياتنا. وبهذا، سنكون نساعدهم ليبتعدوا عن خطاياهم وليتأكّدوا أنّ الرب سيسامحهم أيضاً.