منذ بعض الوقت، كرّست حياتك لله وبدأت تسلك الدرب المستقيم. تغيّرت حياتك من الداخل والخارج، وأصبحت ناشطاً في الكنيسة تمضي أوقات فراغك مع إخوتك وأخواتك بالمسيح، لكن… ما زالت التجربة تلاحقك! لماذا؟ لماذا بعد عزمك على هذا الالتزام، عليك أن تمضي الأيام القادمة تفعل أموراً لا “ترغب” حقاً في فعلها؟ سنستعرض معاً الجواب الذي أورده موقع eatingmanna.com الإلكتروني، في قراءة روحية لفهم هذا اللغز الذي يحيّر الكثيرين.
ثمّة مقطع في رسالة القديس بطرس الأولى يشير بوضوح إلى أنّ التجربة ستلاحقنا. فلنقرأ معاً: لذلك هيّئوا عقولكم وتنبّهوا واجعلوا كلّ رجائكم في النعمة التي تجيئكم عند ظهور يسوع المسيح. وكأبناء طائعين، لا تتبعوا شهواتكم ذاتها التي تبعتموها في أيّام جهالتكم، بل كونوا قدّيسين في كلّ ما تعملون، لأنّ الله الذي دعاكم قدّوس. فالكتاب يقول: “كونوا قدّيسين لأنّي أنا قدّوس”. كما وأنّ يسوع حذّرنا أيضاً من التجربة في إنجيل القديس متى (26: 41): “إسهروا وصلّوا لئلّا تقعوا في التجربة. الروح راغبة، ولكنّ الجسد ضعيف”.
الجسد ضعيف
من المهمّ هنا أن نفكّر مليّاً في كلمات يسوع، لأنّنا سنعرف عندها ما الذي يحصل وكيف. نلاحظ أنّ يسوع يقول إنّ الروح راغبة، أمّا الجسد فضعيف، وهذه إشارة واضحة إلى “المعركة” التي تدور في داخلنا بين الجسد والروح القدس. إنّ جسدنا ضعيف وسيبقى ضعيفاً إلى أن نموت. إنّه يرغب في الشرّ وهذا غريب حقاً! لكن إن أمضينا بعض الوقت مع نفسنا، سنرى كيف أنّ الكتاب المقدّس يحدّدنا بوضوح. والنبأ السارّ يكمن في أنّ الروح راغبة، وأنّ يسوع عنى بذلك أننا تغلّبنا على الخطيئة والتجربة عبر المسيح. وما من تفسير أفضل من تفسير القديس بطرس في رسالته إلى كنائس غلاطية.
“وأقول لكم: أسلكوا في الروح ولا تشبعوا شهوة الجسد. فما يشتهيه الجسد يناقض الروح، وما تشتهيه الروح يناقض الجسد. كلٌّ منهما يقاوم الآخر لئلّا تعملوا ما تريدون. فإذا كان الروح يقودكم، فما أنتم في حكم الشريعة. وأمّا أعمال الجسد فهي ظاهرة: الزنى والدعارة والفجور وعبادة الأوثان والسحر والعداوة والشِّقاق والغيرة والغضب والدسّ والخصام والتحزب والحسد والسِّكر والعربدة وما أشبه. وأنبّهكم الآن، كما نبّهتكم من قبل، أنّ الذين يعملون هذه الأعمال لا يرثون ملكوت الله. أمّا ثمر الروح فهو المحبّة والفرح والسلام والصبر واللطف والصلاح والأمانة والوداعة والعَفاف. وما من شريعة تنهى عن هذه الأشياء. والذين هم للمسيح يسوع صلبوا جسدهم بكلّ ما فيه من أهواء وشهوات. فإذا كنّا نحيا بالروح، فعلينا أن نسلك طريق الروح، فلا نتكبّر ولا يتحدّى ولا يحسد بعضنا بعضاً”. ويجب ألّا ننسى أنّ بطرس قال لنا أيضاً إنّ الهدف من التجربة هو اختبار أصالة إيماننا.
هناك شرّ في هذا العالم، والشيطان هو من يكذب ومن يجرّبنا. علينا أن نبقى متنبّهين لغاية يوم لقائنا الرب. لكنّ النبأ السارّ يبقى أنّ المعركة قد حُسمت وأنّ الله أدّى كلّ العمل المطلوب، كما أنّ الروح القدس قادر على مساعدتنا، لكن علينا أن نصلّي وأن نختار الطريق الذي سنسلكه. إنجيلنا يدعونا إلى أن نبقى صاحين وألّا نيأس، لأنّ قدرتنا الوحيدة للتغلّب على التجربة هي مساعدة الروح القدس لنا. إذاً، من الواضح أننا لسنا لوحدنا في هذه المعركة. علينا فقط أن نصلّي بإيمان طالبين نعمة التمييز بين طريق الخير وطريق الشرّ.
التجربة لن تزول، لكنّ النصر الدائم على الخطيئة متاح لنا الآن، وقد ربحنا المعركة!