Time clock

Robert Cheaib - https://www.flickr.com/photos/theologhia

(12) وقت الحب. نشيد الأناشيد

“وقت الإنسان” هو الوقت الذي يمتلكه

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الحبيبة نائمة وقلبها مستيقظ. نائمة وكيانها ينتظر. تعبت ورجائها لم يغيب. تسمع صوت: اْفتَحي لي يا أخْتي يا خَليلَتي يا كامِلَتيِ. يحثها على ان تقوم من نوم الحب. افتحي. ها أنا واقف على الباب، كعريس سفر الرؤيا يناديني ويناديك: ها أنا واقف على الباب. افتحي لي يا أختي، صديقتي، كاملتي. ما أروع هذا التعبير. الحبيبة للحبيب هي كل شيء. هي له الأخت والصديقة بل والكاملة، هي من يتمم ويكمل كل شيء له. فكل شيء لي ناقص بدونك. أنتي كاملتي. أهذا ما يقوله الرب، الحبيب، لي ولك : نعيمي مع بني البشر.
والحبيبة، “حُلمَ الحبيب”، على غير المتوقع تبدأ في سرد الصعوبات: كيف لي أن أقوم؟ قد نَزَعت ثَوبي فكَيفَ أَلبَسُه؟ قد غَسَلتُ رِجلَيَّ فكَيفَ أوَسِّخُهما!؟ الوقت تأخر، أنا نائمة، لماذا لم تأتي من قبل؟ لماذا تركتني سنين سابقة، تعبت فيها وتألمت؟ الآن صعب. الوقت غير مناسب.
الوقت: “وقت الإنسان” هو الوقت الذي يمتلكه؛ عدد سّنوات يعيشها، وسينتهي. لذا يشعر الإنسان، في أعماقه، أن كلّ لحظة تمرّ محسوبة، لن تعود، وهو سائر إلي نّهاية، فيحتاج أن يَرُدّ على احتياجات اللّحظة التي يعيشها، أن يُشبعها، لأنه يدرك وان لم يفكر أن لديه القليل من الوقت مهما طال. فيمتزج “وقت الإنسان” بالقلق، والرّغبة في إنجاز الأشياء حالاً. يحيا في دائرة مغلقة وهي إشباع ما يحتاجه. وهذا ما يدفعه إلي اتّخاذ قرارات عديدة، منها الصّالح أو غير الصّالح، كي يُغيّر وضعاً يؤلمه، او وضعاً لم يعد يُسعده، لأنه لا يملك إلا هذا الوقت. وهكذا يصبح الإنسان عبداً للوقت! ليس لأنه يُكرّسه ويعبده، بل لأن الوقت يُملي عليه ما يجب أن يفعل، يصبح هو المقياس الذي به يقيس مقدار تقدّمه وانجازاته، وبالأحرى سعادته!! امرأة تخطت الأربعين ولم تتزوج قد تعتبر نفسها فاشلة ومصيرها التّعاسة، لأن الوقت قد مَرَّ!! نفس المرأة في سن العشرين لم تكن تَشعُر بالتّعاسة، لأن الوقت لا يزال أمامها!! الوقت… رجل يكبر ويرى أن أحلامه لم تتحقق، يشعر بالسّنوات تمرّ ومازال أجيرا، لم يحقق شيئاً لنفسه، يدخل في التّعاسة، لأن الوقت قد مَرَّ!! في حين أنه هو نفسه من قبل لم يكن يشعر بذلك!! الوقت جرس إنذار يرن: “أنتبه لم يعد لديك وقتٌ كافٍ”… عبودية الوقت شيء عميق في قلب الإنسان، لأن رغبة الإنسان الحقيقية هي أن يحيا إلي الأبد. هذا هو وقت الإنسان.
نستطيع أن نفهم أيضا رغبة الخدم في مثل الزّؤان، فهم يريدون أن يَقلعوه ويَفصلوه عن القمح (مت 13: 24- 30)، مخافة أن يتخطى الأمر قدرتهم بعد ذلك، ولا يَعُد باستطاعتهم التحكّم فيه، لكن السّيد يقول: لا، هناك وقت، وقت الحصاد، هناك وقت آخر، “وقت الله”.
نعم وقت الله هو ابدي. الأبدية لا تعني وقتاً أطول، تعني وقتاً بلا نهاية، وقتاً لا يَحدُّه الموت ولا يمتزج به، فهو ممتلئ بالحياة، فهو وقت الحب لان الحب لا نهاية له. نافذة تفتح على اللانهاية.
“وقت الله، وقت الحب”. اهه حب. لا يمتزج بقلق، يتميّز بصّبر يسمح بالنّضوج للانسان تدريجياً كي يَصل إلي القامة التي يجب أن يكون عليها.
الحبيب هو الوحيد الذي يعرف الوقت المناسب كي يلمس حبيبة النشيد ويلمسنا بحبه. هو الصائد الماهر يعرف متى يرمي سهامه. لا ينزعج من اعتراضات الحبيبة بل يقوم بعمل شيء لم يكن متوقع…
للمرة القادمة
أيام مباركة.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب د. هاني باخوم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير