Pentecost by El Greco

http://www.museodelprado.es/imagen/alta_resolucion/P00828.jpg / http://commons.wikimedia.org/wiki/File:Pentecost%C3%A9s_(El_Greco

الاحد العاشر بعد عيد العنصرة مرقس ١٢: ٣٥-٤٤

بحسب طقس الكنيسة السريانية الانطاكية الكاثوليكية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

علاقتنا بالله، تتأسس على مبادرته الحبية تجاهنا، فنحن لم نعرفه، بل هو من فرط حبه لنا، كشف عن ذاته لنا، لنعرفه فنكون معه…

          ولكي يعلمنا معنى أن في علاقة حقيقية معه، أخلى ذاته، واعطانا كل ما ذله (ذاته) ومات هو على الصليب، ليعبر عن كونه من أجلنا، وبه نعبر من الظلمة إلى النور… فالحب، هو أن يعطي الشخص كل ذاته للآخر، من دون أن يفكر بالأخذ بالمقابل… والآخر المحبوب، عندما يشعر بعمق الحب المعطى له، يجيب على ذلك الحب الذي استلمه، بحب أعمق، فيعطي كل ذاته للآخر الذي أحبه، وهنا تكمن الأمانة والعرفان بالجميل.

          إذاً، الله لم يكون جزءاً منه من أجلنا، بل كله. فهو لا يبخل بإعطائنا كل ما له ليكون من أجلنا… وبالمقابل، على الإنسان، لكي يعبر عن كونه لله، عليه أن يعطي كل ذاته لله، بمعنى ألا يفكر بأي أمر آخر، بل يتكل على الله ويسير، يسلمه كل ما له (قلبه) فيكون الله هو الساكن فيه ويسير بحسب طرقه…

          إذاً، في علاقتك بالله، يجب عليك ان تعطيه كل قلبك، أي كل ذاتك، لتكون بكليتك له. تسلم قلبك، أي ذاتك، بمعنى آخر، تسلم له ارادتك، فتكون ارادته هو في حياتك، فتكون بالحقيقة معه وله… بالتأكيد، هذا لن يجعلك ترفض باقي العلاقات الصحيحة في حياتك، ولكن، كلها سوف تتأسس على حب الله لك وحبك له.

          هذا ما يحاول انجيل اليوم تسليط الضوء عليه… يعطي لنا إنجيل اليوم مثالين للأشخاص المتدينين:

  • الكتبة والفريسيين
  • الأرملة الفقيرة

كلا الشخصيتين يعيشانالتدين والايمان، ولكن طريقة فهمهما للإيمان والدين، يحدد طريقة علاقتهما بالله وتوجهما له، وبالتالي علاقتهما بالآخرين أيضاً… فطريقة فهم الدين والايمان عند الفريسيين، جعل من أدائهم الديني والأيماني اداءً شكلياً، خالي من الحب وكأنه واجب مفروض… اما الارملة، فطريقة فهمها للدين والايمان، جعل من دائها الديني والأيماني أداء لخلاصها، لأنها احبت، أعطت كل ما لها، ليس كواجب مفروض، بل من فرط محبتها.

ليس بالضرورة، ان يكون مجيئك كل أحد للكنيسة، دليلاً على ايمانك. لن يكون تبرعك بمبلغ معين للكنيسة، دليلاً على ايمانك. لن تكون مساعدتك للفقير، دليلاً على ايمانك. لن يكون مشاركتك في الانشطة الدينية، دليلاً على ايمانك.. لن يكون عملك الكنسي (كاهن، شماس، جوق…الخ) دليلاً على ايمانك…

لأن عمق التدين والايمان، لا يعتمدان على كمية العمل الذي تقوم به تجاه الله او الدين… القضية ليست قضية كمية، ليست القضية في كونك تملك كنيسة جميلة، او تلبس ملابس طقسية فضفاضة وجميلة، وان كانت مهمة لتعبر عن جمال الله ورقي الرتبة الطقسية… القضية ليست في كمية النقود التي تضعها في صينية الاحد، ولا في كمية التبرع الذي تقدمه للكنيسة.. القضية ليست قضية كمية، بل نوعية… والنوعية تأتي من طريقة واحدة، ما مقدار الحب الموجود في كل هذه الأفعال التي ذكرناها…

فإن لم يكن حب الله موجوداً في كل تلك الأفعال أعلاه وغيرها، فالقضية تصبح قضية أداء شكلي، ونكون مثل الذين قال عنهم الرب: هذا الشعب يكرمني بشفتيه، وأما قلبه فبعيد عني… إذا، هل تعطي للرب وكنيسته، كل تلك الامور أعلاه، لأنها واجب، روتين، عادة اجتماعية؟ وبالتالي هي شيء فائض عن حاجتك ولا تهتم له، أي انت لست بحاجة للدين والايمان، ولكنك تقوم به، لانها موجودة في حياتك كتقاليد وعادات وواجب لا أكثر، أي أمور فائضة عن حاجتك… وبالتالي تكون كالكتبة والفريسيين الذين قال عنهم يسوع انهم: يَرْغَبُونَ التَّجْوَالَ بِٱلحُلَلِ الفَضْفَاضَة، والتَّحِيَّاتِ فِي السَّاحَات،وصُدُورَ المَجَالِسِ في المَجَامِع، ومَقَاعِدَ الشَّرَفِ في الوَلائِم،ويَلْتَهِمُونَ بُيُوتَ الأَرَامِل، وَبِرِيَاءٍ يُطِيلُونَ الصَّلاة… هؤلاء اعطوا للرب ما هو فائض عن حاجتهم وليس كل ما لهم…

          الرب، ليس بحاجة لا ألى اموالك، او وقتك، ممتلكاتك، امكانياتك، صوتك، موهبتك… بمعنى، الله لا يحتاج إلى ما تملك، لأن ما تملك ليس لك، ما تملك ليس انت… الله يحتاجك انت، يحتاج قلبك، وقلبك هو لك، ويريد ان يكون له… فلا تحاول ان تعطيه اموراً خارجة عنك.. بل اعطه انت، عندذاك تكون مثل تلك الأرملة التي يقول عنها يسوع، أعطت كل ما لها، بالرغم من كونه قليلاً، فكان درهمين لا أكثر، ولكن كان عطائها مليئاً بالحب، لأنها أعطت من حاجتها، أي أعطت قلبها لله، ولهذا كان فعلها مقبولاً اكثر من أولئك الفريسيين الذين أعطوا لله اموالاً كثيرة، ويصلون ساعات كثيرة، ولكنهم لا يعرفون ان يضعوا كل قلبهم في تلك الأفعال، فكانوا غير مبررين، وكانت تحركاتهم (الايمانية) غير مبرره وغير مقبولة من الله…

          الله اعطاك كل ذاته، وهو يردك أيضاً ان تعطيه كل ذاتك، أي قلبك… المبدأ الذي نمارسه كثيراً في حياتنا: (ساعة لقلبي وساعة لربي) هو مبدأ يهين الايمان والدين في حياتنا.. فلا يجب ان يكون هناك اموراً أخرى نضعها بجانب الله ونهتم بهما، كما نهتم له… يقول الله في وصيته الاولى: لا يكن إله آخر بجانبي… بمعنى: كلك لله، وليس جزءاً منك.. كلك يومك لله، وليس عدداً صغيراً من ساعاته… كلك حياتك تستند على الله، وليس جزءاً منها فقط…

ليراجع كل واحد منا نفسه، ويرى أدائه الديني والإيماني. ما مقدار الحب الموضوع في افعالنا التقوية؟ هل اذهب إلى الكنيسة يوم الاحد لأداء واجب مفروض او عادة اجتماعية روتينية او لأنني تعلمت ذلك من اهلي؟ هل أشارك في النشاطات الكنسية لأسباب ثانوية لا تمت للإيمان وبناء الكنيسة بصلة. ام انا أسس حياتي على الله وأعطي كل ذاتي له، فجدد حياتي، ويسير افعالي وعلاقاتي وسلوكياتي كما تريد مشيئته هو..

لا تكن هدفاً للآخرين، بل ليكن الله هو هدفك وهدف الاخرين… لا تتعامل مع الله وكأنك تفضل عليه بأموالك واوقاتك.. فالله ليس بحاجة لها ليخلصك.. الله يريدك انت، يريد كل حياتك، كل قلبك، فأعطه له، عندذاك يكون خلاصك…. آمين

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأخت دولّي شعيا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير