احتفل اليوم البابا فرنسيس بالقداس الإلهي في مزار القديس البابا يوحنا بولس الثاني بحضور الرهبان والراهبات والمكرّسين وننقل إليكم أبرز ما جاء في عظته: “إنّ مشهد الإنجيل الذي سمعناه لتوّنا (يو 20: 19 – 31) يخبرنا عن مكان وتلميذ وكتاب. المكان هو حيث كان يتواجد التلاميذ مساء عيد الفصح: حيث كانت الأبواب موصدة بإحكام. وبعد مرور ثمانية أيام بقي التلاميذ في المكان نفسه والأبواب لا تزال مقفلة. دخل يسوع إلى المكان وجلس في الوسط حاملاً سلامه معه والروح القدس وغفران الخطايا: بكلمة واحدة، رحمة الله. داخل ذلك المكان المغلق أتت دعوة يسوع ليتردّد صداها بقوّة في نفوس الحاضرين: “كما أرسلني الآب كذلك أرسلكم أنا أيضًا”.
“يسوع يُرسل. هو، يرغب منذ البداية أن تكون الكنيسة بحالة من الخروج، أن تذهب نحو العالم. ويريد منا أن نقوم بالمثل كما أُرسل هو إلى العالم من قِبل أبيه: هو لم يأتِ بالتسلّط بل متخذًا شكل العبد، “ليس ليُخدَم بل ليخدم” ومن أجل إعلان البشرى السارة. وهكذا أُرسل التلاميذ. إنّ التناقض قوي فبينما يوصد التلاميذ الأبواب نتيجة الخوف، يأتي يسوع ليرسلهم بمهمة؛ يريد منهم أن يشرّعوا الأبواب وأن يخرجوا من أجل إعلان التوبة والسلام بقوة الروح القدس.
إنّ هذه الدعوة موجّهة إلينا نحن أيضًا. كيف لنا أن لا نسمع صدى الدعوة الكبيرة ليوحنا بولس الثاني: “شرّعوا أبوابكم”؟ وكم من المرّات في حياتنا نحن الكهنة والمكرّسين نعاني من تجربة البقاء نتيجة الخوف أو البحث عن الراحة، منغلقين قليلاً على أنفسنا وعلى أمكنتنا. إنما التوجيه الذي يحدّده يسوع هو باتجاه واحد: الخروج من ذواتنا. إنه سفر من دون عودة أي أن نخرج من ذاتنا ونخسر حياتنا من أجله أن نتبع طريق وهب الذات.
من جهة ثانية لا يحب يسوع الدروب التي نتّخذ نصفها تاركين الأبواب موصدة أو الطرق التي عليها منعطفين بل يطلب أن نقوم بمسيرة دائمة لكي نغادر ونتخلى عن الضمانات الشخصية الموجّهة دائمًا نحوه. بعبارات أخرى، إنّ حياة الرسل المقرّبين إليه الذين نحن مدعووون لكي نكون مثلهم، هي مصنوعة بالحب الملموس أي خدمة وجهوزية.
وتابع البابا ليشير إلى أنّ من يختار أن يسير مع يسوع يذهب إلى حيث هو مرسَل جاهز لأن يلبّي دعوة من دعاه ولا يختار أوقاته الخاصة. البيت الذي يسكن فيه ليس ملكه لأن الكنيسة والعالم هما الأمكنة المفتوحة لرسالته. الكنز موجود في الرب الحاضر في وسط الحياة من دون البحث عن أي شيء آخر لنفسه…
لا يمضي وقته من أجل القيام بمشاريع لضمان مستقبله… يحب أن يغامر ويخرج ولا يهمّه إن مشى على دروب غير متوقّعة يل هو منفتح وأمين لكلّ ما يشير إليه الروح القدس، فعوض التعيّش يمضي وقته بالتبشير بالإنجيل.
وتابع البابا ليقول أنه في في إنجيل اليوم تظهر صورة القديس توما بشكه وألمه هو من أراد أن يفهم ويشبه الكثيرين منا ومن دون أن يعلم لقد قدّم لنا خدمة: لقد قادنا إلى الرب لأنّ الله لا يحجب نفسه عن من يبحث عنه. أظهر له يسوع جراحاته المقدّسة، جعله يلمس الحنان اللامتناهي لله، العلامات الحية لكلّ ما عانى منه محبة بالإنسان”.
وسأل البابا: “ماذا يطلب منا يسوع؟ هو يرغب بقلوب مكرّسة إليه كليًا تعيش الغفران حتى تسكبه بمحبة على إخوتها. يبحث يسوع عن قلوب منفتحة وحنونة تجاه الضغفاء وغير قاسية أبدًا، قلوب مطيعة وشفافة… لا يتردد الرسول أن يطرح الأسئلة، يملك شجاعة الشعور بالشك وتقديمه إلى الرب وإلى مسؤوليه ومنشّئيه من دون حسبان. الرسول الأمين يقوم في حياته بتمييز واع ويعرف أنه يجب أن ينتبه كل يوم وأن يهرب من ازدواجية الحياة. توما الرسول لم يصل فقط أن يؤمن بالقيامة فحسب بل وجد في يسوع كل حياته ووجد فيه سيده .
وقال في الجملة الأخير حُكي عن الإنجيل الذي لم يكتب الكثير بعد رحمته الكبيرة يمكننا أن نسمع بأننا يجب أن نذهب. إن قبلنا روح الحب فنحن إذًا مدعوون لنشر الرحمة. الإنجيل كتاب رحمة الله الحي… علينا أن نكمل أعمال الرحمة “أنا أسألكم: كيف هي صفحات كتابكم؟ هل هي مكتوبة في كل يوم؟ صفحات بيضاء؟ لتعلّمنا أمّ الرحمة لكي نهتمّ بصورة حسية بجراح يسوع في إخوتنا وأخواتنا المحتاجين إلى ذلك، لكلّ من هم بالقرب منا مثل البعيدين، المرضى والمهجّرين لأننا عندما نخدم المتألّمين نكرّم جسد المسيح…”