الحفاظ على الصمت يتم في القلب، في غرفتنا الباطنية. والغرفة الباطنية هي بعد ركز عليه الكثير من المعلمين الروحيين في تاريخ التصوف واللاهوت الروحي. فعلى سبيل المثال، يشرح القديس يوحنا الصليب لبناته الروحيات الكرمليات أن اللغة الوحيدة التي يتكلمها الله هي “الحب الصامت”. ويذكر “الملفان الصوفي” أن حياة الحب الإلهي مغمورة بالصمت وأنه، لكي نلج في الجو الإلهي، لا بد لنا أن نتنفس هذا الصمت: “لقد قال الآب كلمة واحدة: الابن. كلمةً قالها في صمت أزلي وفي هذا الصمت يجب على النفس أن تتلقاها”.
كابنة مستحقة للمعلم الصوفي، تشرح القديسة تريز الطفل يسوع بتولية النفس لإختها سيلين بهذا الشكل: “البتولية هي صمت عميق لكل اهتمامات النفس، ليس فقط الاهتمامات السطحية، بل كل الاهتمامات… لكي نكون عذارى، يجب ألا نفكر بشيء آخر إلا بعريس نفوسنا”.
الإشارة إلى العريس هي ذات دلالة كبرى. فهي تبيّن أن الصمت والحياة الباطنية ليسا نوعًا من الانطواء على الذات، بل هما لقاء وتوق دائم إلى اللقاء بالحبيب. نحن في صدد وحدة وليس وحشة. هي وحدة خصبة. غرفتنا الباطنية تنفتح على السماء. توقنا ينفتح على توق الله إلينا. عطشنا هو صدى عطش الله.
الصمت هو في آن جو بتولي وموضع لقاء حب. هو واقع يعيشه من التقى بالحبيب، بالكلمة الإلهي الذي يردد صداه في صمت النفس. إتّي هيلسوم هي شاهدة كبيرة لهذا اللقاء. هيلسوم تشرح اكتشافها للغرفة الباطنية حيث تخبر عن انتقالها من القلق والاضطراب اللذين كانت تعيشهما عندما كانت تجلس وحدها وعن التطور الذي عاشته عندما بدأت الحديث عن “وحدة كبيرة وخصبة” تحملها معها في كل مكان، وحدة يملأها حضور الله.
وتعترف إتي هيلسوم: “الآن أحمل معي هذه ’الغرفة الداخلية‘ وألجأ إليها في كل آن، عندما أكون في الباص أو عندما أسير في ضجيج المدينة”. يمكننا أن نلخص موهبة إتي هيلسوم الروحية باكتشاف “الملكوت الداخلي”، هذا الملكوت حيث يقيم الحبيب.