أبرشيةٌ مهجّرةٌ وبالرغم من وضعها الصعب والقَلِق وغير المستقر، تُقدّم لله حملانًا للعمل في حقل البشارة!

ثلاثة كهنة جدد مع حلول عيد التجلّي والذكرى الثانية لتهجيرنا القسريّ من بلدتنا بخديدا ومن باقي بلدات سهل نينوى

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

     أُقيم صباح يوم الجمعة 5 آب 2016 قدّاس احتفاليّ في كنيسة القدّيسة حنّة في عينكاوة، ترأسه سيادة راعي أبرشيّة الموصل وكركوك وكردستان للسّريان الكاثوليك، المطران مار يوحنّا بطرس موشي، ورافقه فيه الأبوين جورج جحّولا وبشار كذيا، وحضره وشارك فيه سيادة المطران مار غريغوريوس صليبا شمعون وكهنة الأبرشية والأبرشيات الأخرى وبعض الشمامسة (الإنجيليّين) والطلبة الإكليريكيّين والإخوة الرهبان والأخوات الراهبات، ومجموعة من السادة المسؤولين من بينهم سعادة سفيرة الجمهوريّة التشيكيّة في أربيل وجمعٌ غفيرٌ من المؤمنين من بلدنا العراق ومن فرنسا وأماكن أخرى، وخلال القدّاس جرت مراسيم ترقية ثلاثة من أبناء الأبرشية من الدرجة الشماسيّة (الإنجيليّة) إلى الدرجة الكهنوتيّة وهم كل من: روني موميكا، وبطرس قابّو وعماد عناي.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى المطران المحتفل عظة بعنوان: «لتكن مشيئتك لا مشيئتي» ومما قال فيها: “أحبّائي الشمامسة: روني وعماد وبطرس. لقد اتفقتم، وهذه علامة جيّدة، واخترتم عبارة: «لتكن مشيئتك لا مشيئتي»، لتكون نهجًا لحياتكم الكهنوتيّة، ومسيرة صريحة لرسالتكم الراعويّة الخدميّة، بعد أن تأمّل كل منكم في عمق معانيها ومتطلباتها، وأدركتم ما هي هذه المتطلبات، وما تفرضه من التزامات وواجبات على كلّ من يرغب بحرّيّته أن يختارها منهاجًا لحياته”.
     أضاف: “«لتكن مشيئتك لا مشيئتي»، عبارة تعني بين ما تعنيه: حياة التسليم الكلّي للمشيئة الإلهيّة. فهي تتطلب تجاوز الذات، ووضعها كاملة تحت خدمة يسوع وتصرّفه، يسوع الذي يوجّه اليوم، كما في السابق، كلامه إلى كلّ واحد منكم، ومنّا، نحن الذين كرّسنا ذاتنا لخدمة الكهنوت، مخاطبا: أريد فعلة يعملون بجدية في حقل الرسالة معي”.
وأضاف: “مشيئة الله أوّلاً وفوق كلّ شيء، أي ما يختاره الله لنا فوق كل اختياراتنا. إنّ تتميم مشيئة الله يعني للإنسان أن يقبل وأن يرتبط بآخر يتخطّاه، وبمشروع أشمل نحن مدعوّون إلى الانخراط فيه. وهذا يعني أن لا نتذمّر ولا نتشكّى من الحياة التي رسمها الله لنا، باختيارنا سلك الكهنوت مع رفاق سبقونا، بل نسعى لأن نعمل بإرادة ومشيئة الله، بمعنى أن نستنير وأن نمشي بنور الله الذي يفتح لنا هذه الطريق للعيش في هذه الحياة الصعبة. أجل الكهنوت مسؤولية كبرى، ومهمّة صعبة وشاقّة، وصعب التزامها وعيشها، خاصّةً في ظروفنا الراهنة. وإن شاء الله وحمّلكم اليوم هذه المسؤولية، إنّما جاء ذلك لثقته بكم، ولمعرفته من أنّكم قادرون على تحمّل هذه المسؤولية، وأنتم أهل لها، إذا وضعتم يدكم بيده. فلا داعي إذن للتردّد، بل عليكم أن تضعوا ثقتكم بالله الذي يقوّيكم، وبرؤسائكم الذين اختاروكم، وأسندوا إليكم القيام بهذه المهمّة، وكذلك أيضًا العمل معًا مع رفاق دربكم، من الكهنة والشمامسة معاونيكم، الذين يمسكون بأيديكم، ويعملون معكم وأنتم معهم، ويعضدونكم. لا لستم لوحدكم! ولا يمكن أن تعملوا لوحدكم منفردين. ومهما تملكتم من إمكانيات وقدرات، ومهما حصلتم على معارف ومعلومات، فيبقى عملكم مشلولاً لو عزلتم أنفسكم عن الكنيسة أمّكم المتمثّلة برؤسائكم، والكهنة، والشمامسة، والشعب المؤمن الذي توليكم الكنيسة رعايته وخدمته”.
وتابع: “أنتم خدم ولستم المتسلّطين، الآمرين والناهين. أنتم صغار القوم لا كباره وساداته. وهذا يعني كيف ينبغي عليكم أن تتعاملوا مع من تعملون معه، باحترام ولياقة وحبّ وتواضع، بعيدين عن أسلوب التقريع والتوبيخ والإذلال. متذكّرين قول يسوع: «من أراد فيكم أن يكون كبيرًا، فليكن خادمًا للكلّ»، ومن كان فيكم صغيرًا، وهو ينظر إلى نفسه ويعتبرها صغيرة، فهذا هو الأعظم بينكم، في عين الله وفي عين الكنيسة وفي عين المجتمع”.
وأردف: “إلهنا يحتاج إلى كلّ واحد منّا، كل حسب موقعه، في تحقيق مشيئته في عالمنا هذا. وقد سمعتم أنتم! أحبّائي، (الشمامسة)، نداءه هذا، ونويتم وعزمتم، بكامل حرّيّتكم، على القيام به، من خلال خدمة الكهنوت. وما يطلب منكم في مسيرتكم هذه، وفي حياتكم الكهنوتيّة إنّما هو وفاؤكم والتزامكم وحرصكم وأمانتكم”.
وفي ختام عظته بارك المرتسمين، ودعا لهم بالتوفيق في مسعاهم. وقدّم التهنئة للكنيسة السّريانيّة وللأبرشية -بـ “حملانها الجدد”- وللكهنة الصامدين والمستمرين في خدمة إخوتهم ورعاياهم المشتتين في عدّة أماكن والعمل معهم وبالقرب معهم في محنتهم هذه. إنّها شهادةٌ فضلى ورسالةٌ عظمى نقدّمها للعالم في الذكرى الثانية لتهجيرنا القسريّ من بلدات سهل نينوى. كما تقدّم بالتهنئة من ذوي المرتسمين ورفاقهم ومحبّيهم ومعارفهم وشكر الجميع.
كما أكّد على الصمود قائلاً: “نحن صامدون! وسنبقى بنعمة الله وعونه صامدين، نشهد للمسيح الحيّ وللإنجيل المقدّس، في أرضنا التي لم نغتصبها من أحد بل هي ورثٌ ورثناه من آبائنا”.
أقيمت مراسيم السيامة الكهنوتيّة حسب طقسنا السرّياني الأنطاكيّ الغني بالقراءات والصلوات والحركات الرمزيّة والتراتيل السّريانيّة العذبة.
وفي ختام القدّاس الاحتفاليّ تمت قراءة برقيتي التهنئة المرسلة للكهنة الجدد من قبل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكيّ، ومن سيادة المطران مار باسيلوس جرجس القس موسى راعي أبرشيتنا الأسبق والمعاون البطريركيّ الحالي، ثمّ ألقى الأب “بطرس قابّو” كلمة شكر باسمه وباسم أخويه المرتسمين معه، وبعدها تم تبادل التهاني والمقاسمة بفرح المناسبة في باحة الكنيسة.
جرت مراسيم هذه السيامة وسط جوٍّ كنسيّ وشعبيّ مميّز، وسط جوٍّ ساده الإيمان والفرح بالرغم من آلام النزوح ومعانياته وغياب أهل أحد المرتسمين وعدم قدرتهم على المشاركة في سيامة ابنهم بسبب هجرتهم إلى خارج البلد!
جاءت هذه السيامة في ظروف استثانيّة  يمرّ بها بلدنا العراق الجريح، ونمرّ بها نحن مسيحيو العراق: من تهجيرٍ قسريّ، ونزوحٍ، وهجرةٍ، ولجوءٍ ومضايقاتٍ هنا وهناك. ولكن بالرغم من كلّ ذلك أتت السيامة لتمنحنا الأمل وتبثّ فينا الرجاء كيما نستمر بتمجيدنا للربّ والتبشير بإنجيله؛ إنجيل الخلاص والفرح، والشهادة للمسيح في بلدنا، ومواصة رسالة الكنيسة من أجل تعزيز كلمة المسيح وتوطيد الإخوة في إيمانهم وزرع الأمان والسلام بين بني البشر أجمعين.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب اغناطيوس أوفي

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير