لطالما كانت تتعرّض الكنيسة للاضطهاد في العالم أجمع وقد ضربت موجة الاضطهادات العالم الغربي في الأشهر الأخيرة للمرّة الأولى منذ مئات السنين. ليسوا معتادين في الغرب على مبدأ الشهادة فمع استشهاد الأب جاك هاميل، بدأ الغرب يشعر بالخطر المحدق به على عكس الشرق الذي اعتاد تقديم الشهداء على مذابح الرب. في هذا الإطار، قدّم موقع catholic-link شهادة الأب كريستيان دو شيرجي وهو راهب ورئيس شهداء الأطلس الذي خُطف وقُتل في خضمّ الحرب الأهلية في الجزائر عام 1996 وكانت قد تبنّت مجموعة أصولية إسلامية مقتله.
كتب الأب كريستيان وصيته الأخيرة على أن تُقرأ بعد مماته بالأخص عندما علم أنّ موته أصبح وشيكًا ولا شكّ في أنّ وصيته تحتوي الكثير من الأمور العميقة ولا تزال تُطبَّق على حالتنا اليوم ومن يدري ربّما تكون حافزًا يشجّعنا ويدفعنا إلى الأمام. بالرغم من كل الخوف الذي شعر به كتب الأب كريستيان بمحبة وجمال كانا أبعد من خوف الموت. إنّ كلماته تذكّرنا بالصلاة استعدادًا لساعة موتنا وبالرغم من كل الخطر الذي يحدق بنا لنتذكّر دائمًا أن نسعى إلى تثبيت المصالحة في قلوبنا فنصلّي على نية اهتدائنا الداخلي ونصلّي على نية أعدائنا واهتداء الآخرين. ننقل إليكم أبرز ما أتى في وصيته:
“إن حصل يومًا (ويمكن أن يكون اليوم) أن وقعتُ ضحية الإرهاب الذي يبدو وأنه محدق بكلّ الغرباء القاطنين في الجزائر، أودّ من جماعتي وكنيستي وعائلتي أن يتذكّروا أنّ حياتي كانت لله ولهذه البلاد. أنا أسألهم أن يصلّوا من أجلي: فكيف يمكن أن أكون مستحقًا لهذه التقدمة؟ أنا أسألهم أن يربطوا وفاتي بوفيات أخرى كانت عنيفة إنما طُرحت طي النسيان بسبب اللامبالاة…
حياتي لم تكن بريئة أبدًا (…) وأنا أسأل الله أن يمنحني النعمة أن أتوسّل غفرانه قبل أن أصل إلى الساعة الأخيرة وأن أطلب السماح من كل من أعرف وفي الوقت نفسه أن أسامح من سيقوم بقتلي. أنا لا أستحقّ أن أموت هكذا. يبدو لي أمرًا مهمًا أن أصرّح بهذا الموضوع. في الواقع، أنا لا أرى كيف يمكنني أن أفرح إن كان الشعب الذي أحب هو من سيُلقى اللوم عليه نتيجة موتي. إلاّ أنني ممتنّ لمن سيقتلني فبسببه سأُمنح “نعمة الاستشهاد في سبيل الرب” بالأخص إن كان يقوم بذلك معتقدًا بأنه وفيًا لتعاليم الإسلام.
… أنا أشكر الله على كلّ شيء في حياتي وأشكر أصدقائي وأصدقاء الأمس واليوم وكل الأصدقاء الموجودين هنا ولن أنسى أمي وأبي وإخوتي وأخواتي…. وأنت أيضًا أشكرك صديق اللحظة الأخيرة، أنت يا من لا تدرك ما تفعل. نعم، أنا “أشكرك” وأستودعك وأسلّمك إلى الله الذي أرى وجهه فيك وعسى أن نلتقي بعضنا في الفردوس “لصوصًا طيبين” إن كان ذلك يرضي الله أبانا. آمين.