تعيّد الكنيسة اليوم 11 آب ذكرى القديسة كلارا الأسيزية، تلك التي ارتبط اسمها بالقديس الشهير فرنسيس الأسيزي. ولدت عام 1194 في أسيزي وعُرفت ببراءتها منذ نعومة أظفارها متّخذة من أمها مبادىء الإيمان مستسلمة للروح القدس. عُرفت باهتمامها الكبير بالفقراء فكانت تحمل إليهم الطعام في الخفية وكانت الصلاة رفيقها الدائم. وعندما ذاع صيت القديس فرنسيس في المنطقة أحبّت لو تحذو حذوه فتوجّهت إليه وأخبرته عن مكامن قلبها وبرغبتها بالتكرّس الكليّ لله وبعيش الإنجيل بالفقر والصلاة. وبعد أن وافق القديس فرنسيس توجّهت مسرعة إلى دير سيدة الملائكة حتى تبرز نذورها مخلّفةً وراءها بيتها الوالدي وكل أفراد عائلتها.
لم يكن وقع الخبر سهلاً على أفراد العائلة بالأخص على والدها الذي كان يفضّل أن تتزوّج شخصًا مرموقًا رفيع المستوى فقابلها بقساوة وبرفض إنما سرعان ما تبعتها أختها أنياس بالرغم من كل المقاومة الشديدة لتدخل إلى الدير معها.
جُعلت كلارا شفيعة التلفزيون عام 1959 على يد البابا بيّوس الثاني عشر عندما شاهدت وسمعت عن بُعد احتفال عيد الميلاد. كيف؟ يُحكى أنّ أثناء عيد الميلاد، وفي الساعة التي وُلد فيها الطفل يسوع، وشارك الكون الملائكة بهجتهم، توجّهت الراهبات كلّهنّ إلى خورس الكنيسة للصلاة:، تاركات أمّهنّ تنوء تحت ثقل المرض. غير أنّ هذه راحت تفكّر بالطفل يسوع، ومرارة الحرمان من تمجيده تعذّبها إلى أقصى الحدود، فتنهّدت قائلة: “أيها الرب إلهي، ها أنا متروكة وحدي هنا” ولكن سرعان ما بلغت آذانها موسيقى الجوقة وترتيلها في كنيسة القديس فرنسيس، وسمعت أناشيد الفرح يتلوها الإخوة علمًا أنّ الكنيسة لم تكن قريبة بما يكفي ليكون ممكنًا للآذان البشرية أن تسمع منها أي شيء. وفي صباح اليوم التالي، حضرت إليها بناتها ليرينها فقالت لهنّ: “تبارك ربي الذي لم يتركني حين ذهبتنّ جميعًا”.
عُرفت كلارا بأنها كانت تصبّ الماء على أيدي الراهبات وتجلسهنّ على المائدة وتخدمهنّ قائلة: “علينا ألاّ نرغب أبدًا في أن نكون فوق الآخرين، بل علينا بالحريّ أن نكون خدامًا، وخاضعين لكلّ خليقة بشرية، من أجل الله. وجميع الذين واللواتي يعملون هذه الأعمال، ويثابرون فيها حتى النهاية، سيستقرّ روح الرب عليهم، وسيجعل فيهم مقامه ومسكنه”.
روت الأخت فيليب أنّ كلارا حصلت على عطيّة الدموع: كان قلبها دائم الاستعداد للمشاركة في آلام الأخوات والمعذّبين. وكانت تذرف الكثير من الدموع خصوصًا عندما كانت تتناول جسد ربنا يسوع المسيح. فكانت تقول: “يا الله لقد رويتُ لك حياتي، وقد جعلتُ دموعي نصب عينيك”.
أفادت الأخت باتشيفيكا أنّ كلارا عندما صارت مريضة إلى حدّ العجز عن النهوض، كانت تطلب المساعدة على الوقوف. عندئذٍ كانت تغزل وتخيط أقمشة للمذبح، وترسلها، على وجه التقريب، إلى كل كنائس سهل أسيزي وقممها.
توفّيت كلارا في 11 آب عام 1253 بعد أن باركت جميع أخواتها الحاضرات والآتيات وكان ينتمي إلى روحانيتها 150 ديرًا في أوروبا كلّها. أُعلنت قديسة عام 1255.