وُلد برنارد عام 1090 وكبر بالفضيلة التي أثمرت في عيشه دعوته. استقى برنارد من أمّه التقوى ومن أبيه الفروسية. بعد وفاة أمّه، دخل إلى دير الرهبان السيستريين واتّبع نظام التقشّف الصارم، فكان يقلّص أوقات راحته ويزيد أوقات العبادة والتأمّل. وبعد ثلاث سنوات على دخوله الدير، أُرسِل إلى “فال دابسينت” (شرقي فرنسا) ليؤسّس ديراً جديداً أبصر النور في 25 حزيران 1115 وسمّاه “كلير فالي” لتُصبح التسمية بعدها “كليرفو”.
ولم يقف تأثير فضلية القديس عند حدود دير كليرفو، بل بلغ كل أوروبا. فكان مستشاراً للعديد من الملوك، وساعد في إنهاء الشقاق ضدّ الحبر الأعظم، والذي برز عام 1130 بعد موت البابا هونوريوس الثاني. شارك برنارد في مجمع لاتران الثاني، وبشّر في فرنسا وإيطاليا وألمانيا، مُحارباً الهرطقة. كما وشهد على انتخاب البابا يوجينيوس الثالث، الذي كان بدوره أحد رهبانه.
كان برنارد من أكبر ملهمي الحملة الصليبية الثانية، وقد عهد إليه البابا يوجينيوس الثالث بالدعوة إلى الحرب المقدسة. إلّا أنّ آخر سنوات حياته كانت شاهدة على فشل الصليبيّين الذي تحمّل مسؤوليّته.
مات برنارد في سنّ الثالثة والستّين، ورُفع قدّيساً على مذابح الكنيسة الكاثوليكية في 18 كانون الثاني 1174، ليُعلنه البابا بيوس الثامن معلّماً في الكنيسة سنة 1830.
من الجدير بالذكر أنّ سجلّات دير كليرفو للبندكتيين تخبر أنّ القديس برنارد سأل الرب يسوع يوماً عن الجرح الذي آلمه أكثر من غيره، ولم يُذكر عنه شيئاً. فأجابه الرب بهذه الكلمات: “إنه جرح كتفي، إذ أنني لمّا حملت الصليب، تسبّب لي بجرح عميق آلمني أكثر من باقي جراحي”. ثمّ طلب يسوع من القديس تكريم هذا الجرح، واعداً المتعبّدين له بنيل النعم باستحقاقاته.
من جهته، اعتبر برنارد هذه الرؤية برهاناً آخر على رحمة يسوع اللامتناهية، لذا فاضت منه صلاة خلال أحد أوقات تأمّله: “يا يسوع المحبوب، يا حمل الله… إني أنا الخاطىء البائس أحيّي وأعبد جرح كتفك المقدس. هذا الكتف الذي حمل الصليب الثقيل، الذي مزّق لحمك وعرّى عظمك فسبّب لك آلاماً أشدّ من جميع جروح جسدك الأخرى. يا يسوع المتألم كثيراً، إنني أمجّدك وأسبّحك وأشكرك على هذا الجرح المقدس الموجع، متوسلاً إليك بشفاعة تلك الآلام الشديدة للغاية وبشفاعة صليبك الثقيل جداً أن ترحمني أنا الخاطىء، وتغفر خطاياي المميتة والعرضية، وأن تقودني في طريق صليبك إلى السماء.”
ولعلّ أشهر صلاة للعذراء نردّدها تُعزى إليه: اذكري يا مريم العذراء الحنون، أنّه لم يُسمع قط أنّ أحداً التجأ إلى حمايتك وطلب معونتكِ ورُدّ خائباً. فأنا بمثل هذه الثقة، ألتجىء إليك أيتها الأم عذراء العذارى، وآتي إليك، وأجثو أمامك، أنا الخاطىء المسكين متنهّداً، فلا ترذلي تضرّعاتي يا أمّ الكلمة، بل استمعي لي بحنو واستجيبيني، آمين.