سؤالٌ جميل وذكيّ فعلا. قبل كلّ شيء، يجب أن نعرف أنّ الكتاب المقدّس ليس كتاب تاريخ من موقع الحدث، ولا يعطي معلومات ٍ تاريخيّة دقيقة من موقع الحدث. بل هو ” لاهوت التاريخ “، إنه تاريخٌ مُلهَوت ورمزيُّ يهمُّ خلاص الإنسان وما عمله ويعمله الله في تاريخ الإنسانيّة. فمؤكد، أننا لا يمكننا ، على سبيل المثال، أن نقولَ بأنّ قصّة آدم وحوّاء هي تاريخيّة بمعنى ” ألتاريخ الحصريّ “!. إنها رواية ميدارشيّة – تعليميّة، تهم واقع إنسانيّ يحصل دائمًا.
(تكوين 4: 17) وَعَرَفَ قَايِينُ امْرَاتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ حَنُوكَ. وَكَانَ يَبْنِي مَدِينَةً فَدَعَا اسْمَ الْمَدِينَةِ كَاسْمِ ابْنِهِ حَنُوك. من أين أتت هذه المرأة؟
بعد خروج وطرد آدم وحواء من الجنّة، أنجبا بنين وبنات، غير أنّ الكتاب المقدس فى الإصحاح الرابع من سفر التكوين، يركز على حادثة قتل قايين لهابيل.
فقد تكون أخته أو إبنه إخيه، حيث كان قديما يتم التزواج بين الناس عموماً لعدم وجود تشريع يمنع زواج الأخ من اخته، ولأن الأرض كانت فى مرحلة تكوين نسل بشريّ.
والدليل على وجود أشخاص أخرين غير قايين هو خوفه من أن يقتله احد من اخوته او أقربائه، إذا علموا بأنه قام بقتل هابيل اخيه: “انَّكَ قَدْ طَرَدْتَنِي الْيَوْمَ عَنْ وَجْهِ الارْضِ وَمِنْ وَجْهِكَ اخْتَفِي وَاكُونُ تَائِها وَهَارِبا فِي الارْضِ فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ وَجَدَنِي يَقْتُلُنِي». 15فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «لِذَلِكَ كُلُّ مَنْ قَتَلَ قَايِينَ فَسَبْعَةَ اضْعَافٍ يُنْتَقَمُ مِنْهُ». وَجَعَلَ الرَّبُّ لِقَايِينَ عَلامَةً لِكَيْ لا يَقْتُلَهُ كُلُّ مَنْ وَجَدَهُ”(تكوين 4: 14-15).
إذن، لم يكن هناك تشريعٌ ولا قانون. فالتشريعات والقوانين والوصايا جاءت في زمن موسى النبيّ. لعلّ هذا الأمر المعقّد والصعب على الفهم، هو ما يجبرُ بعض أخوتنا المسيحيّين في نفورهم من قراءة العهد القديم والتقرّب منه. فهذا جزءٌ صغير من أمور ٍ كثيرة. لكنّ، هذا الشيء ليس حجّة في عدم التقرّب من العهد القديم ! عليهم أن يبحثوا ويتعبوا أنفسهم في إيجاد النور في إستيعاب الأمر. ليس منطقيّا أبدًا، بحجّة أنّ العهد القديم لا يذكرُ ولا يعطي أمورًا منطقيّة، أن نتركه ونكتفي فقط بالعهد الجديد. فكثيرٌ من تاريخنا ومن حياتنا ما ليسَ منطقيّا أبدًا، ومع ذلك، نحن نعيش ونقبل به. علينا التفاعل مع النصوص، وكيف كتبت، وأين، ولماذا، وما هي الأساليب التي كتبت بها، وبماذا تأثّرت النصوص، وما هي الآداب المجاورة والثقافات التي عاصرتها النصوص؟
هذه الأمور التي يراها السائل غريبة تشهدُ، بحسب دراسي الكتاب المقدّس، لإعادة صياغة تحريريّة. فموضوع رواية قايين وهابيل متأخّر في التسلسل الزمنيّ الكتابيّ ( وهو يرتبطُ بتقاليد القينيّين)، وقد تمّت إعادته اصطناعيّا إلى أصول الإنسانيّــــــــة الأولى. في كتاب أخنوخ الأوّل، المكتوب بالآراميّة والمعروف باسم أخنوخ الأثيوبيّ، نكتشفُ أقدمَ ذكر يخصّ هذه الرواية خارج الكتاب المقدّس. ففي أقدم مقاطعه – يعود النصّ الى السنة 165 ق. م- في الفصل 85، نجد ” التاريخ المقدّس الحيوانيّ”، وهو قراءة فريدة جدّا تُعنى بالأحداث الكتابيّة، تظهر فيها الشخصيّات في هيئة حيوانات. فهابيل يصبح ” ثورا أصهب “، وقايين ” ثورًا أسودًا “، وشيت ” ثورًا أبيضا “. وبعد فترة زمنيّة (نحو 125 ق.م)، يكتشف لنا كتاب اليوبيلات عن اسم امرأة قايين وهي أيضا أخته، أوان (يوب 4 : 1- 10). ويُدخِل هذا الكتاب التاريخ البيبليّ في تسلسل زمنيّ صارم جدّا ومصطنع، ومن هنا أتت تسميته.
WIKIMEDIA COMMONS
من هي زوجة قايين؟ من أين أتت زوجة قايين؟ هل تزوج قايين من أخته؟
سؤالٌ جميل وذكيّ فعلا. قبل كلّ شيء، يجب أن نعرف أنّ الكتاب المقدّس ليس كتاب تاريخ من موقع الحدث، ولا يعطي معلومات ٍ تاريخيّة دقيقة من موقع الحدث. بل هو ” لاهوت التاريخ “، إنه تاريخٌ مُلهَوت ورمزيُّ يهمُّ خلاص الإنسان وما […]