“إنّ المسيحيين مرسَلون إلى المجتمع من أجل معاملة البشرية برحمة” هذا ما أكّده البابا فرنسيس في رسالة الفيديو التي أرسلها لمناسبة يوبيل القارة الأمريكية الذي افتُتح في بوغوتا (كولومبيا) في 27 آب 2016. دعا كلّ الهيئات الكهنوتية على أن يكونوا أدوات لتعليم للرحمة.
إنّ الحدث هو برعاية المجلس الأسقفي اللاتيني الأمريكي واللجنة البابوية لأمريكا اللاتينية وهو يشهد حضور الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين آتين من 22 بلدًا من أمريكا اللاتينية والكاراييب فضلاً عن كندا والولايات المتحدة. وقال البابا الأرجنتيني في الرسالة الطويلة التي نطقها باللغة الإسبانية: “نحن نعيش في مجتمع يجرح: ينزف وعادة ما يدفع ثمن هذه الجروحات الأكثر هشاشة. ووبّخ ثقافة “منقسمة” وتهمل “الأشخاص المسنين والأطفال والأقليات الدينية”، ثقافة “تروّج للرخاء وتزيد من معاناة الكثيرين، “ثقافة تهدر حكمة الشعوب الأصيلة وبيّنت أنها عاجزة عن الاعتناء بثروة أراضيها”.
إنما نحو هذه الثقافة يدعونا الرب لأن نذهب ببرنامج واحد: معاملة بعضنا البعض برحمة. ومن هنا تكمن ضرورة الكنيسة بتعلّم القيام بأعمال الرحمة. إنّ كل علاج ينقصه الرحمة لو مهما كان عادلاً ينتهي بسوء المعاملة”. هذا وشدد البابا على أهمية التنشئة على الرحمة بتعليمنا المسيحي وحلقاتنا الدراسية وهيكلياتنا الرعوية وخططنا ونشاطاتنا الرسولية ولقاءاتنا مع الكهنة حتى بطريقة تعلّمنا اللاهوت”.
“من الناحية النظرية، نحن رسل الرحمة إنما غالبًا ما نسيء المعاملة عوض حسن المعاملة هذا وحثّ الكهنة على “المعاملة الحسنة” طالبًا من المعمّدين على طلب النعمة يوميًا من أجل تعلّم القيام بالرحمة.
تجسيد الرحمة في حياة الأخرين
تابع البابا رسالته ليتأمّل في الرسالة الأولى التي كتبها القديس بولس إلى طيموتاوس (1: 12 – 16) حيث يصف الرسول نفسه كخاطىء مغفورة له خطاياه: “لقد نلتُ الرحمة” . ثم دعا المشاركين إلى تذكّر الأسلوب الذي كان فيه “الرب قريبًا منا وصنع معنا الرحمة” بالرغم من كل خطايانا ومحدوديتنا”.
“الرحمة ليست نظرية و”على الموضة” في خلال اليوبيل ونتحدّث عنها حتى نحظى بالتصفيق بل هي بعيدة كل البعد عن الفكرة حتى إنها ليست إيديولوجية بل هي طريقة ملموسة للمس الضعفاء وإنشاء العلاقات مع الآخرين والتقرّب منهم. إنها طريقة تصرّف حتى يحظى الآخرون الذين سحقهم عبء خطيئتهم بفرصة أخرى”.
وتابع البابا: “إنّ الرحمة هي حركة تنطلق من القلب نحو اليدين، حركة الإنسان الذي لا يخاف من التقرّب من الآخرين ولمسهم ومعانقتهم من دون أن يخيفهم أو يحكم عليهم ويرفضهم. إنه أسلوب عمل يتجسّد في حياة الأشخاص. إنّ الرحمة تطال وجه الإنسان وحياته وتاريخه ووجوده. إنها مملوءة من الإبداع وهي تبحث عن “الأفضل” من دون وضع القواعد.
لا يجب أن يكون أسلوب معاملة الآخرين على أساس الخوف الذي يفصل ويبعد إنما على الرجاء الذي يملكه الله في كل واحد منا في القدرة على التغيّر. إنّ هذا الموقف يشجّع ويدفعنا إلى النظر نحو المستقبل ويترك المسافة للفرص. إنه على عكس “الألزهايمر الروحي” الذي يجعلنا ننسى رحمة الله لنا ويولّد “عقلية إنفصالية” من خلال إنشاء “مجموعات من الصالحين والسيئين والقديسين والخطأة”.