الأنبياء ليسوا معصومين من الخطأ ولا من الخطيئة. لانهم بشرٌ. وليس لأن الله اختارهم ووضعهم وأعطاهم رسالة ما، فعليه أن يعصمهم من الزلّة ومن الخطأ. فليس النبيّ سوبر مان أو الرجل الوطواط!. إنه إنسانٌ ضعيف له ضعفٌ بشريّ وشكوك وخوف وتردد.
ليس النبيّ عرّاف يعرف المستقبل، بل هو صاحبُ رسالة ينقلها للشعب. ينقل تدبير الله الخلاصيّ لشعبه. النبيّ هو الشخصيّة النموذجية لديانة اسرائيل. واسمه اليونانيّ (برو -فيتيس) ” pro -phetes” يعني ” حامل كلام الله “، كونه يبلّغ علنا نداءات الله، أو أقوال الله. وهذه الأقوال تُبنئ إلى حدّ ما بالمستقبلْ. وليس المقصود تفاصيل الأحداث المقبلة، وإنما المعنى الشامل لما يُعَدّ. إنهم يرون في أيّ إتجاه يرتسم التاريخ، و ” ينبئون “بشكل خاصّ عن الأزمات والصعوبات التي في الأفق. إنّ فهمًا كهذا، ينيره الإيمان وروح الله، بوسعه أن يمنحَ حدسًا بالمستقبل. ولكنّ الأنبياء هم، قبل كلّ شيء، رجالُ الأحداث الحاضرة، إنهم يبصرون بوضوح المجتمع ذي يعيشون فيه؛ فيستنكرون المظالم وأعمال العنف فيه. لكن، هناك أنبياءٌ صادقون وأنبياءٌ كذبة! فكيف التمييز بين النبيّ الصادق والنبيّ الكذّاب؟ هناك عدد من المقاييس لذلك؛ وعلى سبيل المثال: هل رسالته أمينة لتقليد العهد؟ هل تدعو إلى الإهتداء، أم أنها تبحثُ عن إرضاء الناس هل تمّ ما أعلنه؟
هناكَ آباءٌ وأنبياءٌ كُثر سيرتهم، عندما نقرأ عنه، ليست حسنة كما يبدو. لا يجب التسرّع في الحكم، بل علينا ندرك أن النبيّ شخصٌ يبشّر بكلام الله، ولكنّ الله لا يرفعه لمصافّ أن يكونَ” بلا زلّة ولا خطيئة ولا خطأ ” ! هذا ما لا يجب أن يكون. إنه إنسانٌ يعاصر شعبه والأحداث والصراعات الكثيرة. وبالفعل، كما يقولُ الرسول بولس، ” حيثما تكثر الخطيئة، تفيض النعمة” . أيّ نعمة! نعمة المسيح القدّوس. فمحبة الله تنكشفُ في خطيئة الإنسان. فالله لا يبحث عن الخطيئة بل عن الخاطئ. وأمثلةٌ عديدة لدينا: بطرس الرسول، أنكرَ، وكان أفكاره مشوّشةـ لكن المسيح أقامه صخرة للكنيسة. والرسل أجمعهم. بولس الرسول، إنه كان إرهابيّ متطرّف قتل مسيحيّين كثيرين، لكنّه أصبح مبشّرا بالمسيح وأعظمُ المبشّرين بالمسيحيّة. محبّة الله تسبق كلّ شيء وهي الآولى، والتي يجبُ البحثُ عنها لعيشها في حياتنا. إن فكّرنا في الأخطاء والزّلات التي في غيرنا، سنصاب بضيق نظر وعمى القلبْ، ونغوص في الكره ولا نعد نرى صالحًا في العالم.
وأخيرًا وليس آخرًا، العهد القديم هو قصّة تاريخ بشريّتنا الأسود، إنه قصّة طفولتنا ومراهقتنا وشبابنا، هفواتنا وزلّاتنا وتصوّراتنا وإنعكاساتنا المشوّهة عن الله والإنسان والحياة. إنه واقعٌ إنسانيّ فيه من العنف والكره ما فيه من الحبّ والسلام. إنه تاريخ صراعات وحروب ومشاكل وآهات، وفيه إنتصارات وإكتشافات لله . إنه تاريخنا الكامل. ولا يمكنُ إنكار هذا التاريخ. فنحنُ الآن، لسنا أفضلُ من الذين عاشوا قبلنا. بل ربّما، وهذا واقعٌ، أقبحُ منهم بكثير.
Theresa J. Marquez - Flickr - CC BY-NC-ND
هناك أنبياءٌ في العهد القديم سيرتهم ليست حسنة، بل عملوا الخطيئة من زنا وغيره، فكيف نعتبرهم أنبياء؟!
الأنبياء ليسوا معصومين من الخطأ ولا من الخطيئة. لانهم بشرٌ. وليس لأن الله اختارهم ووضعهم وأعطاهم رسالة ما، فعليه أن يعصمهم من الزلّة ومن الخطأ. فليس النبيّ سوبر مان أو الرجل الوطواط!. إنه إنسانٌ ضعيف له ضعفٌ بشريّ وشكوك وخوف وتردد. ليس […]