في حديثنا عن الصلاة كحضور للحاضر، لا بد أن نذكر شخصية مميزة من القرن السابع عشر. نحن بصدد الأخ الكرملي نيكولاس هرمان المعروف باسم الأخ لورنس للقيامة. كان هذا الأخ راهبًا بسيطًا وغير مثقف وقد قضى حياته الرهبانية في خدمة مطبخ ديره في باريس. يشهد الذين عاشوا معه أن حتى مظهر الأخ لورنس كان مدعاة تقوى، لدرجة أن النظر إليه كان يحث على الصلاة. وكان يحافظ في كل ما يقوم به حالة حضور أمام الله كان وجهه ينضح بها. في الرسائل القليلة التي وردتنا منه يعترف الأخ لورنس بأنه "في ضجيج وزحمة المطبخ، في وسط عدد كبير من الأشخاص يطلبون الانتباه والخدمات المختلفة، أحافظ على حضور الله بهدوء كبير، كما لو كنت راكعًا أمام القربان المقدس". ويوضح أن "الأوقات المحددة للصلاة لم تكن مختلفة عن الأوقات الأخرى"، بل كانت امتدادًا طبيعيًا ومكثفًا لحضور الله في الحياة العادية. بل يضيف أنه يعيش الاتحاد بالله بشكل أعمق في وسط مشاغله اليومية منه خلال أوقات الاستجماع والممارسات التقوية. هذا ويعتبر لورنس أن هناك وهم كبير ومتفشٍ وهو أن يعتبر الأشخاص أوقات الصلاة كأوقات مختلفة عن الأوقات الأخرى. بالنسبة له، أوقات الصلاة هي أوقات تدريب يتمرس الإنسان فيها على العيش في حضرة الله بشكل مستمر. السر يكمن في أن يعيش الإنسان دومًا في حضرة الله من خلال التعرف على حضوره في مختلف الخبرات العادية واليومية. ولذا فتعريفه للصلاة هو ببساطة "حس بحضور الله". في إطار آخر يعلمنا القديس أغسطينوس أهمية العيش في حضرة الله من خلال دعوتنا إلى العناية باستعدادنا الداخلي إذ يقول: "صلوا بلا انقطاع، هناك من يصغي إليكم: ومن يصغي إليكم هو في باطنكم. لا يجب أن ترفعوا عيونكم إلى جبل ما، لا يجب أن ترفعوا عيونكم إلى النجوم، الشمس والقمر. لا تظنوا أن هناك من يصغي إليكم إذا ما صليتم نحو البحر. يجب أن تتجنبوا صلوات من هذا النوع. طهّر غرفتك الداخلية، فحيث تصلي هناك من يقيم في حميميتك ويسمعك... مَن يُصغي إليك هو في باطنك. لا تذهب بعيدًا، لا تترفع وكأنك ستصل إليه بيدٍ مرفوعة. بقدر ما ترتفع، أنت في خطر السقوط. حافظ على التواضع، فبالتواضع تقترب إليه".
DERNIÈRES NOUVELLES
Aug 30, 2016 18:15
Aug 30, 2016 06:34