“ما من سلام حقيقي إلّا انطلاقاً من رؤية للإنسان تجيد تعزيز التطوّر المتضمّن، مع الأخذ بعين الاعتبار كرامته المتصاعدة، بما أنّ التطوّر هو الاسم الجديد للسلام”. هذه الكلمات قالها البابا فرنسيس خلال تعبيره عن أمنياته الخاصّة بعام 2017 لأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، صباح الاثنين 9 كانون الثاني، في القصر الرسولي في الفاتيكان.
وأشار الحبر الأعظم في كلمته التي ألقاها أمام ممثّلي 182 بلداً يقيم علاقات دبلوماسية مع الكرسي الرسولي إلى أنّ السلام هبة وتحدّ والتزام. أمّا كلمته بحدّ ذاتها فقد كرّسها لموضوع “الأمان والسلام” بهدف إعطاء رجاء ورؤية واضحة للطريق.
وشرح الأب الأقدس أنّ السلام هبة لأنّه ينبع من قلب الله، وهو تحدّ لأنّه خير غير مكتسب ويجب السعي خلفه دائماً، وهو التزام لأنّه يتطلّب العمل الشغوف لكلّ صاحب إرادة طيّبة ضمن سعيه خلفه وبنائه.
كما وأشار الأب الأقدس في كلمته التي ينتظرها كثر في مستهلّ كلّ عام إلى أنّ أمنيته للسنة التي بدأت، تقضي بعمل جميع البلدان مع جيرانها على فرص لبناء سلام أصيل.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الحبر الأعظم يعرض عادة موازنة للسنة المنصرمة، لا سيّما لرحلاته، ويقوم بجولة حول العالم للإشارة إلى التحديات التي يجب رفعها من قبل البشرية، بالإضافة إلى الوسائل المناسبة للتصرّف حيالها.
كما وتطرّق البابا إلى مئوية الحرب العالمية الأولى ذاكراً بندكتس الخامس عشر، وإلى رسالته للأساقفة بمناسبة عيد القديسين الأبرياء لعام 2016، ورسالته الخاصة بالأوّل من كانون الثاني 2017 حول اللاعنف المسيحي، مذكّراً بالأفكار الرئيسية التي تطبع دبلوماسيّة الكرسي الرسولي. ولم ينسَ أسقف روما ذكر مواضيع المهاجرين والبلدان التي تنهشها الحروب، بالإضافة إلى الإيديولوجيا التي يعتبرها عدوّة السلام، والحاجة الملحّة لمحو تجارة الأسلحة.
وبوجه الإرهاب القاتل الذي ضرب العديد من البلدان، أطلق الأب الأقدس نداء للقادة الدينيين والسياسيّين قائلاً: “أوجّه نداء لجميع السلطات الدينية كي تتّحد وتذكّر بقوّة أنّه لا يمكننا أن نقتل باسم الله. إنّ الإرهاب الأصوليّ ثمرة البؤس الروحي، والذي يُنسب إليه أيضاً الفقر الاجتماعي. لكن يمكن التغلّب عليه فقط بالمساهمة المشتركة لجميع القادة الدينيين والسياسيين.