Prière oecuménique-Osservatore Romano

دعوة الربّ…وحدة المسيحيّين

كلّ عام، تجتمع الكنائس للصلاة من أجل وحدتها، أي وحدة المسيحيّين (من 18- (تذكار قيام كرسي بطرس، روما) إلى 25 كانون الثاني – (تذكار ارتداد مار بولس)). وشعار أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس لهذا العام، هو “محبّة المسيح تحثّنا على المصالحة” […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

كلّ عام، تجتمع الكنائس للصلاة من أجل وحدتها، أي وحدة المسيحيّين (من 18- (تذكار قيام كرسي بطرس، روما) إلى 25 كانون الثاني – (تذكار ارتداد مار بولس)). وشعار أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس لهذا العام، هو “محبّة المسيح تحثّنا على المصالحة” (2 كور 5: 14-20)
يلتقي المؤمنون، المنتمون إلى كنائس عدّة، حول كلمة الربّ، التي تجمع، وتوحّد وتقدّس. تلك الكلمة، التي تعطي الحياة والخلاص.صلّى يسوع المسيح، قبل موته، من أجل تلاميذه “ليكونوا واحدًا”. وها خلفاء الرّسل يصلّون مع المؤمنين، من أجل أن يبقوا “واحدًا”.
تحاول الكنائس العمل على وحدتها، من خلال اللقاءات اللاهوتيّة والروحيّة والراعويّة، كذلك من خلال تنظيم بعض النشاطات بهدف التقارب العميق، وردم الهوّة فيما بينها. نعم، يدعونا الربّ يسوع، إلى تكثيف المساحات والساحات للتلاقي والحوار، من أجل إيجاد “صيغ” لتذليل المعوقات والعراقيل، أو للتوافق على بعض التفاسير اللغويّة أو لتوضيح معاني بعض التعابير اللاهوتيّة.
يدعونا الربّ، إلى الصلاة من أجل العودة إلى تعاليمه وحياته، لكي نكتشف من جديد حبّه الإلهيّ، الذي يفتح فكرنا وقلبنا، على حقائقه الإلهيّة، التي تجمعنا حوله، فتوحّدنا وتقدّسنا.
يدعونا الربّ، إلى العودة إلى الذات والتوبة، والابتعاد عن التشدّد والتمسّك بأفكارنا وإلى قبول فكر الآخر. إنّ وحدة الكنائس ليست هي الغاية والهدف، إنّما هي، الشهادة الصحيحة والواضحة، على أخوّة الربّ يسوع لإخوته البشر. تلك الوحدة هي التعبير الأسمى عن التضامن والتعاضد: الإنسانيّ-الإنسانيّ والإلهيّ-الإنسانيّ. يدعونا الربّ يسوع، إلى التقرّب منه ومن بعضنا البعض، من أجل نشر المحبّة والأخوّة والعيش ضمن جماعة متّحدّة، تتقاسم وتتشارك الحياة الإلهيّة، لأنها أدركت سرّ حقيقة الله ومحبّته للإنسان.
كما يدعونا، إلى المصالحة مع الله والآخر وذاتنا، لكي نستطيع أن نعيش الرحمة ونحقّقها في عالمنا، كما جسّدها هو بأفعال المحبّة والرحمة. يدعونا الربّ الإله، نحن المسيحيّين، إلى نشر حبّه، من خلال لقائنا معه وحوله، كما لقائنا مع بعضنا البعض “ما أجمل أن يجتمع الأخوة معًا”.
ينتظر العالم من المسيحيّين، أن يجسّدوا المحبّة الصادقة فيما بينهم، كي يسود السلام والفرح والرجاء. فالمسيحيّون بإيمانهم بيسوع المسيح، لا يسعهم إلاّ أن يشهدوا ليسوع القائم من بين الأموات، والمنتصر على الضعف والموت، والواهب حياة الشراكة من خلال الروح القدس.
نعم، يدعونا الربّ، إلى وليمته السماويّة، كي ننشر كلمة الحقّ ونعلن الخلاص الذي قدّمه لنا بموته وقيامته. لقد أوكل إلينا بأن نحمل بأمانة وديعة الإيمان وننقل البشرى السّارة. فكيف يمكننا أن نتحدّث عن الربّ يسوع، ونحن بحالة تشرذم وضياع وخلاقات حول قضايا لا تمسّ بجوهر وأساس الإيمان بالربّ يسوع؟
يدعونا الربّ، إلى “صحوة” فكريّة ولاهوتيّة، كي نلتقي حول الجوهر والأساس ألا هما سرَّيّ التجسّد والفداء، متخلّين عن مواقف الجدل والاعتراف بأنّ الجميع لم يسعوا فعليًّا إلى التقارب وتخطي الصراعات والبحث عن القواسم المشتركة وإيجاد بعض المخارج اللاهوتيّة والراعويّة، والخروج من التباعد المتبادل ومن اللامبالاة. فهل سنبقى في حالة من الانقسام؟ وعدم الخضوع لعمل الروح القدس؟ والاعتداد بالنفس؟ أم سنترك للعمل الراعويّ مكانًا لإيجاد الحلول المناسبة؟ أوليس ما يوحّدنا هو من الربّ يسوع، وما يُبعدنا عن الحقيقة يأتي غالبًا من الإنسان نفسه؟ إنّ “الوحدة”لا تعني الذوبان أو تكوين مؤسسة كنسيّة واحدة، بل المحافظة على التراث والتقاليد والروحانيّة في شركة الإيمان الواحد “الوحدة في التعدّدية”. الوحدة المسيحيّة تُبنى وتُتابع من أجل الاتّحاد بالمسيح؛ ومن أرقى أهداف وحدة المسيحيّين هي السعي إلى وحدتهم مع المسيح.
تسعى الكنائس إلى تجسيد وحدة شعب الله على قاعدة الحقيقة والرحمة والمحبّة، لأنّ الانقسامات هي طعنة في جنب جسد المسيح السرّي. فلنتذكّر ما يقوله الرسول يوحنّا في إنجيله (17: 11) ليكونوا تلاميذه واحدًا كما أنّ الآب فيه، وهو في الآب. “ما كنتم شعبًا من قبل، وأمّا اليوم فأنتم شعب الله. كنتم لا تنالون رحمة الله، أمّا الآن فنلتموها” (1 بط 2: 10). فبالرغم من التفاؤل أو التشاؤم، يبقى على الجميع واجبٌ مقدّس ألا وهو السعي الدائم للبحث عن معرفة الحقيقة بشجاعة وتواضع.
لنُعِد قراءة ما نراه حول العالم من الاضطهادات والآلام التي يعيشها المسيحيّون، أوليست هي أيضًا حافزًا لنتمسك بوحدتنا ونعزّزها؟ فالوحدة هي قوّة للتصدّي للشرّ، كما لنشر العدالة والسلام والمحبّة. وتبقى العائلة باتّحاد أفرادها صورة حقيقيّة عن وحدة المسيحيّين وتكاتفهم.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب د. نجيب بعقليني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير