في صحراء عالمنا ، لا تزال حكمتنا البشرية تخفق في قراءة حكمة الله المسمّرة على الصليب و لا يزال يقودنا جهلنا للهلاك، على ما يقول الكتاب “هلك شعبي من عدم المعرفة” -( هو 4: 6)-
نحن لا نزال عاجزين عن رؤية الخلاص من زاوية الرب القائم من الموت الذي أتم عمل المحبة العظيم من علو صليبه حيث ختم بالدعاء الشهير: “يا أبتي في يديك أستودع روحي” (لوقا46:23). في ذروة الصليب، يسوع يؤكد ثقته بهذه البنوّة وبالآب مدخلاً بذلك “البشرية الجديدة” المولدة من جنبه المطعون الى دعوة عيش حياة البنوّة التي تزهر قيامة !!
البركة فعليّاً لا تكمن بالرؤى أو الأعاجيب إنما بسر ذاك المعلّق على الصليب!!!
نحن غالباً ما نصّر أن نظل قابعين في خانة المبتدئين … طالبين “أعاجيب صغيرة” لاهثين وراء “رؤى ملائكية” و غافلين عن الأعجوبة الأعظم : عيش علاقة البنوّة الحقيقية مع الآب بيسوع المسيح و نعمة روحه القدوس…
و في يوم عيده يسطع القديس أنطونيوس بسيرته مجدداً، و نسمعه هو، من كانت “الأعاجيب” زاخرة على يديه المباركتين، يقول :
“ليس صانعو العجائب و أصحاب الرؤى من هم المباركين حقاً ، إنما المباركين هم الذي يرون أخطاءهم”!!!
نعم ، فمن يحب لا يرغب أن يجرح محبوبه. أدرك أنطونيوس أن قلب الرب الأبوي تدميه خطايانا لأنها تميتنا … و هي تؤلمه لدرجة أنه سكب دماه ليفتدينا منها!! نعم، مبارك من دخل بثقة الأبناء الى عرش التوبة و تمتع بالإقامة عند السيد و الثبات فيه!!
هي الأعجوبة الأعظم أن نفتح قلوبنا بثقة لعناية هذا الآب الذي نردد له يومياً دعاء “أبانا في السماوات”!!
نعم، ليس على الرب من مستحيل و بما أنه أب فليس غريب أن نسأله تلبية إحتياجاتنا لا سيما في الصعوبة الشديدة…و ليس غريب عليه أن يجترح الأعاجيب من أجلنا! و لكن إن لم نحصّل تلك؟ أننكره؟ هل نبغي إيماننا “سيرك متحرك” و “مسرح لا يرتاح” أو تجارة نضع فيها شروطنا و لو في عدم فهم لمتطلبات الربح و الخسارة؟!!
لا، ليست هنا الدعوة الى التشكيك برؤى أو اعاجيب رافقت الرسل و المؤمنين و القديسين على مدى العصور، إنما مع أنطونيوس القديس، هي دعوة للإرتقاء بالإيمان الى حيث يجب أن يكون!!
نعم، الرب هو سيد المستحيل و هو على كل شيء قدير. و لكنه أيضاً المربي الحكيم و العليم والذي يعطي أبناءه ما يصلح لا ما يميت! وعندما يسمح بالأعاجيب و الرؤى، يكون هدفه أن يشكّل أمامنا إشارات تدلنا صوبه! و كم تعاستنا عظيمة إذا توقفنا عند الإشارة كأنها نهاية الطريق!و كم نكون أشقياء إن لهثنا صوب المظهر و نسينا المعنى، أو تمسكنا بالعطية و أهملنا المعطي!!!
اليوم، مع أب الرهبان، فلنسعىى و نصلي من أجل نضوج في الإيمان !!!
Robert Cheaib - Theologhia.com CC BY
أنطونيوس الكبير وصحراء عالمنا
في صحراء عالمنا ، لا تزال حكمتنا البشرية تخفق في قراءة حكمة الله المسمّرة على الصليب و لا يزال يقودنا جهلنا للهلاك، على ما يقول الكتاب “هلك شعبي من عدم المعرفة” -( هو 4: 6)- نحن لا نزال عاجزين عن رؤية الخلاص […]