استضافة الله – حدثني عن المحبة (9)

يعتبر الراهب واللاهوتي لويس بويه نص سفر التكوين 18 كأجمل نص كتابي حول موضوع رؤية الله بعد الخطيئة الأولى ويقول أن بساطة هذا النص وعظمته تجعلان أي تعليق صعب، لأنه نص يصل مباشرة إلى القلب والعقل. يندرج النص في إطار يوميات صعبة […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

يعتبر الراهب واللاهوتي لويس بويه نص سفر التكوين 18 كأجمل نص كتابي حول موضوع رؤية الله بعد الخطيئة الأولى ويقول أن بساطة هذا النص وعظمته تجعلان أي تعليق صعب، لأنه نص يصل مباشرة إلى القلب والعقل.

يندرج النص في إطار يوميات صعبة يعيشها شيخان بالغان في السن باتت الرتابة اليومية ثقيلة عليهما. في هذه الرتابة الاعتيادية يحدث أمر له أصداء أبدية.

يشرح المتصوف الإيطالي ديفو بارزوتي أن في حادثة تجلي بلوطة ممرا “عاد الله ليسكن أرض الإنسان، وعادت الأرض لتكون فردوس الله”. ويضيف أن النص لا يتحدث فقط عن حميمية إبراهيم مع الله، بل يشكل إلى حد ما نبوءة عما سيكون سر التجسد الإلهي المستقبلي.

في حبه الصادق للغريب، يعيش إبراهيم فكر الرب في الإنجيل… كنت غريبًا فأويتموني، كنت جائعًا فأطعمتموني، كنت عطشانًا فرويتموني… في استقباله للغرباء، استقبل الرب.

يظهر الرب في هذا النص كغريب لا نميّز فيه للوهلة الأولى علامات ألوهة، تماما مثل يسوع، الإنسان الحق، الذي نرى فيه بعيون الإيمان فقط الإله الحق “أنت المسيح ابن الله!”.

وفي ضيافة إبراهيم نرى استباقًا للمائدة التي يقدم من خلالها الرب نفسه طعامًا لضيوفه البشر، بدءًا بالرسل ووصولًا إلينا.

تظهر أيقونة روبليف الشهيرة العديد من المعالم التي أشرنا إليها: فأقنوم الثالوث الأقدس الثاني، الكلمة، يبارك حملاً هو بالواقع الحمل المذبوح منذ بداية العالم. رب المائدة ليس إبراهيم، بل الثالوث الأقدس. هم ضيوف في النص الكتابي ولكننا ضيوف الثالوث في مائدة الوجود ومائدة الخلاص ومائدة الحياة الأبدية.

يعلق القديس أمبروسيوس على هذا النص الكتابي الثمين فيقول: “لكم هي ثمينة الضيافة. أجرها يكمن فيها! فهي تجذب شكر البشر ولكن، الأهم من ذلك، أنها تجذب بركة الرب. كلنا، في أرض المنفى هذه، ضيوف عابرون. لوهلة نقطن تحت سقف ولكن فلننتبه لأننا سنتركه لاحقًا. إذا كنا قاسون ومهملون تجاه الغرباء، سيكون القديسون على حق إذا رفضوا استقبالنا. فلنكسب أصدقاء بالمال الحرام – بحسب ما يقول الرب في المثل الإنجيلي – لكي يقبلوننا في المناول الأبدية”.

الضيافة، إذا، ليست مجرد واقع بشري وعمل فضيلة، هي عمل إلهي. فكيف يعمل الله على الأرض بشكل إعتيادي إلا من خلال الإنسان؟ عندما نكون مضيافين، نضحي أدوات إلهية في يدي الرب الكريم.

لهذا يشرح التلموذ البابلي أن “الضيافة هي أهم من استقبال الشكينة (الحضور الإلهي)”. لا لأن الضيف أهم من الرب، بل لأن الرب حاضر في القريب… وبهذا يذكرنا يسوع في نص الدينونة في الفصل الخامس والعشرين من إنجيل متى. ويحرضنا كاتب الرسالة إلى العبرانيين بالقول: “لا تنسوا الضيافة فبفضل ممارستها استقبل البعض الملائكة دون أن يدروا” (عب 13، 2).

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير