“طوبى للّتي آمنت لأنّه سيتمّ ما قيلَ لها من قِبَلِ الربّ” (لو 1: 45).
تحدّد الكنيسة عقيدة انتقال العذراء مريم إلى السماء بما يلي: إنّ مريم أمَّ الله البريئة من الدنس والدائمة البتوليّة، لمّا بلغت مطافَها على الأرض، انتقلت بالنفس والجسد إلى المجد السماويّ”. نلاحظ أنّ عقيدة انتقال العذراء مريم مرتبطة بعقيدة عصمتها من دنس الخطيئة الأصليّة وأيضًا عقيدة بتوليّتها الدائمة.
السيّد المسيح أخذ جسدًا من العذراء مريم، وصار لها ابنًا حقًّا، وخصّها بشرف البتوليّة الدائمة، ووهبها نعمته الكاملة، فصان جسدها من فساد القبر، ونقله إلى المجد السماويّ. “فإذا كان الروح الذي أقام يسوع من بين الأموات حالاًّ فيكم فالذي أقام يسوع المسيح من بين الأموات يُحيّي أيضًا أجسادكم الفانية بروحه الحال فيكم” (روما 8: 11). استقبلت العذراء مريم، الله في حشاها الجسديّ، فاستقبلها ابنها في فردوسه السماويّ.
نعم، حدّثنا السيّد المسيح بكلامٍ واضحٍ حول كيفيّة الحصول على الحياة الأبديّة: “إنّ مَن يسمع كلامي ويؤمن بمَن أرسلني، له الحياة الأبديّة ولا يصير إلى دينونة، لكنّه قد انتقل من الموت إلى الحياة”. إنّ الإنسان المسيحيّ، المؤمن والممارس لإيمانه، بوعيّ ونضج وعمق، يحيا في الرجاء بانتظار الخلاص النهائيّ، “ونترجّى قيامة الموتى والحياة الأبديّة”. نعم، إنّ قيامة يسوع المسيح من الموت وانتصاره على الخطيئة والضعف، أعطت الإنسان القدرة على الانتقال من الضعف إلى القوّة، من الخطيئة إلى النعمة ومن الموت إلى القيامة والحياة، حيث السلام والانتصار والفرح والطمأنينة.
إنّ انتقال العذراء مريم كملكة وسلطانة العالم، مماثلة لابنها يسوع الذي انتصر على الموت والخطيئة. لقد نالت العذراء مريم، نعمة الانتقال إلى السماء، لأنّها وصلت إلى ذروة القداسة، والحبّ والعطاء، وبذل الذات والرحمة، والالتزام بمشروع ابنها، بالرغم من الجروحات والآلام، التي عاشتها تحت أقدام الصليب.
لننظر إلى السماء المفتوحة نحو الفردوس، لأنّها مستقبلنا.
لنشدّ أنظارنا نحو السماء حيث وطننا النهائيّ.
لنبعث فينا الرجاء بالحياة الجديدة التي وُعِدنا بها والتي ننتظرها ونعمل من أجلها.
لننتقل من اليأس إلى الرجاء،
لننتقل من الخطيئة إلى النعمة،
لننتقل من الحقد إلى المسامحة،
لننتقل من الموت إلى الحياة،
لننتقل من وضع الحواجز إلى بناء الجسور.
لنعمل جاهدين لعيش الحياة الأرضيّة بكلّ حبٍّ واستعدادٍ للحياة الجديدة، أي الأبديّة.
نعم، لنقل مع مريم “ها أنذا أمةُ الربِّ فليكن لي كقولكَ” (لو 1: 38)، لأنّ إيمانها، هو فعل تقدمة وطاعة وثقة، هو قمّة الحبّ.