بعيداً عن المقالات اليومية والأخبار التي نقرأها، فلنأخذ بعض الوقت للتأمّل بهذا التمجيد من كتاب “من تسابيح الميلاد” لمار أفرام السرياني، والذي نشر نسخته المعرّبة موقع سلطانة الحبل بلا دنس الإلكتروني، علّنا به نجد ما نخاطب الله به… عدا عن تذمّرنا وطلباتنا!
مبارك هو كرم نفوسنا!
المجد لكرم عقولنا الخفي! بذوره سقطت على أرضنا فأغنت عقولنا! ثمره جاء بمئة ضعف في كنز نفوسنا!
لنتعبّد للذي جلس واستراح ومشى في الطريق، إذ هو “الطريق” مشى في الطريق، وهو “الباب” الذي به يدخل السالكون في الملكوت!
مبارك هو “الراعي” الذي صار حملاً لأجل مصالحتنا! مبارك هو “الغصن” الذي صار كأساً لخلاصنا! مبارك هو “العنقود” الذي هو دواء الحياة! مبارك هو “الفلاح” الذي صار “قمحاً” لكي يُزرع، و”الحزمة” لكي تُقطع. مبارك هو “المهندس” (الأعظم) الذي صار “برجاً” لأجل إنقاذنا! مبارك هو ذاك الذي هذّب مشاعر تفكيرنا، حتى نُغني بقيثارتنا ما لا تستطيع أفواه المخلوقات الطائرة أن تتغنّى به بقدرتها!
المجد لذاك الذي نظر إلينا كيف أننا قبلنا أن نشابه الوحوش في هياجنا وجشعنا، فنزل إلينا وصار واحداً منّا حتى نصير نحن سمائيين!
المجد لذاك الذي لا يحتاج قط إلى تسبيحنا، لكنّه شعر بالاحتياج رأفة بنا، وبالعطش حبّاً فينا؛ يسألنا لنعطيه، لأنه اشتاق أن يعطينا. ثمرته اختلطت بنا نحن البشر، فإذ لا نقدر نحن أن نقترب إليه، نزل هو إلينا، وبثمرة جذعه طعّمنا في شجرته!
لنسبّحه، فهو الذي أحيانا بتقليمه! لنسبّحه، فهو الذي حمل اللعنة عنّا بإكليل شوكه! لنسبّحه، فهو الذي أمات الموت بموته! لنسبّحه، فهو الذي زجر الموت الذي تغلّب علينا!
المجد لذاك الذي اعتمد فأغرق آثامنا في العمق، وخنق الذي خنقنا!
لنمجّد بملء أفواهنا ربّ كل الخلائق! مبارك هو “الطبيب” الذي نزل وبتر بغير ألم؛ شفى جراحتنا بداء غير مرير، فقد أظهر ابنه “دواء” يشفي الخطأة!
مبارك ذاك الذي سكن في الأحشاء، وصنع فيه هيكلاً كاملاً يسكن فيه، وعرشاً يجلس عليه، وحلّة يستتر بها، وسيفاً ينتصر به.