“أريد أن تكوني قدّيسة صغيرة. لمَ لا تحاولين؟ يلزمنا الكثير من القدّيسين”. هذا ما كتبه من التشيلي خورخي ماريو برغوليو (الذي أصبح البابا فرنسيس) لأخته الصغرى ماريا إيلينا في 5 أيار 1960، كما نشره الصحافي السويسري أرنو بيدا ضمن تغريدة له على موقع تويتر في 16 كانون الثاني 2018، وبحسب ما ورد في مقال أعدّته الزميلة مارينا دروجينينا من القسم الفرنسي في زينيت.
ويُخبر مؤلّف كتاب “فرنسيس الأرجنتيني” و”لوحده بوجه الجميع” أنّ ماريا إيلينا هي التي أعطته تلك الوثيقة “الأشبه بكنز” والتي “كانت تحتفظ بها في أحد أدراجها”، خاصّة وأنّ البابا المستقبلي كان يبلغ من العمر 23 سنة عندما كتبها، وكان يواجه للمرّة الأولى الفقر وعدم الاستقرار.
ويخبر خورخي ماريو برغوليو في رسالته بالإسبانية (والتي ترجمها أرنو بيدا) أخته قائلاً: “سأخبرك شيئاً. أنا أعلّم التعليم المسيحي في مدرسة لطلّاب يبلغون من العمر 8 و9 أعوام، وهم بغاية الفقر. حتّى إنّ بعضهم يأتون إلى المدرسة حفاة، وليس لديهم ما يأكلونه. خلال الشتاء، يشعرون بالبرد كثيراً”.
ويضيف خورخي أنّ مَن لم يختبر الأمر لا يعرف معناه: “لن تفهمي معنى هذا لأنّ الطعام لم ينقصك يوماً، وإن شعرت بالبرد فأنت تقتربين من المدفأة. فكّري مليّاً في ما أقوله… وفيما أنت فرحة، هناك أولاد كثر يبكون. عندما تجلسين إلى مأدبة الطعام، هناك كثر ليس لديهم إلّا كسرة خبز، وعندما يتساقط المطر ويكون الطقس بارداً، يعيش كثر في بيوت من صفائح معدنيّة بدون أن يكون لديهم ما يحميهم”.
ويذكر برغوليو الشاب في رسالته امرأة متقدّمة في السنّ قالت له: “أبتِ، ليتني أستطيع الحصول على غطاء، فكم سأكون بحالة جيّدة. أنا أشعر بالبرد كثيراً في الليل”.
ويأسف أيضاً لنقص معلّمي التعليم المسيحي قائلاً: “الأسوأ أنّهم لا يعرفون يسوع. لا يعرفونه لأنّ أحداً لم يكلّمهم عنه”.
ثمّ طلب برغوليو من أخته المساعدة مشجّعاً إياها على القداسة: “هل فهمت الآن لما أقول لك إننا بحاجة إلى الكثير من القدّيسين؟ أنتظر أن تجيبيني بسرعة برسالة تخبرينني فيها ماذا ستفعلين لتساعديني في كهنوتي. وما ستفعلينه يتعلّق بمصير سعادة ولد، لا تنسي ذلك. أريد أن تكوني قدّيسة صغيرة. لمَ لا تحاولين؟ يلزمنا الكثير من القدّيسين”.
ماريا إيلينا هي إحدى أختَي البابا فرنسيس، وهي تصغره باثني عشر عاماً، وتقيم في إحدى ضواحي بوينس أيريس. وللبابا أيضاً ثلاثة إخوة: ألبرتو وأوسكار وخورخي، وأخت تدعى مارتا ريجينا، وقد انتقلوا جميعاً إلى حضن الآب.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الأب الأقدس كان قد أكّد للصحافة التي رافقته في الرحلة من روما إلى التشيلي في 15 كانون الثاني الحالي أنّه يعرف البلد جيّداً، لأنّه أقام فيه لسنة عام 1960، لأجل “تمرّسه” لدى اليسوعيين.