قبل بدء الصوم الكبير وانتقالنا إلى صلوات خاصّة بهذا الزمن، فلنتأمّل اليوم بما كتبه القديس مار أفرام السرياني في كتاب “من تسابيح الميلاد”، تعريب القمص تادرس يعقوب الملطي (الطبعة الثالثة 2005)، وكما نشره موقع سلطانة الحبل بلا دنس الإلكتروني.
اجتمعت الأمم وجاءت لتسمع ضيقاته! المجد لابن الصالح الوحيد، الذي رذله أبناء الطالح! المجد لابن البار وحده، الذي صلبه أبناء الشرير! المجد للذي حلّ رباطاتنا، ورُبط من أجل جميعنا! المجد لذاك الجميل الذي أعادنا إلى صورته! المجد لذاك الحسن الذي لم ينظر إلى قُبحنا! المجد لذاك الذي زرع نوره في الظلمة، فصار باختفائه موضع تعبير، فكشف أسراره، ونزع عنّا ثوب قذارتنا! المجد لذاك العالي الذي مزج عقولنا بملحه، ونفوسنا بخميرته. جسده صار خبزاً ليُحيي موتنا!
السبح للغنيّ الذي دفع عنّا ما لم يقترضه، وكتب على نفسه صكّاً وصار مديناً! بحِمله نيره كسر عنّا قيود ذاك الذي أسرنا!
المجد للديّان الذي دين، وجعل تلاميذه الإثنى عشر يدينون الأسباط، والجهلة يلومون كتبة الأمم!
المجد لذاك الذي يعلّمنا. المجد لذاك الذي لم نقدر أن نقيسه! قلبنا صغير جداً بالنسبة له، وعقلنا ضعيف للغاية!… المجد لذاك الذي تنازل وسأل، كأنّه يسمع ويتعلّم ما يعرفه، حتّى يكشف بأسئلته خزائن نعمه المخلّصة!
لنتعبّد لذاك الذي بتعاليمه أضاء أذهاننا… لنسبح ذاك الذي طعّم شجرتنا بثمرته! لنشكر ذاك الذي أرسل الوارث لكي يجذبنا إليه… نعم، ويجعلنا شركاء معه في الميراث! لنشكر ذاك الصالح وحده، مصدر كلّ الخيرات!
مبارك هو ذاك الوديع الخادم! مبارك هو ذاك الذي لم يُعَنف، لأنه صالح! مبارك هو ذاك الذي لم يزدرِ بأحدٍ، لأنّه عادل أيضاً! مبارك ذاك الذي كان يصمت وينتهر، وبكليهما يُحيينا! قاسٍ في صمته وتوبيخه! لطيف في صمته حتّى عندما يتّهم، فقد انتهر الخائن وقبِل اللصّ.