“يقضي عطش يسوع بكسر القيود التي تحبسنا في حسّ الشعور بالذنب وفي الأنانية”. هذا ما أكّده الأب خوسي تولنتينو دي مندونشا بعد ظهر يوم 20 شباط 2018، على مسامع البابا فرنسيس وأعضاء الكوريا الرومانية الذين اجتمعوا في أريتشيا لأجل رياضة الصوم الروحية.
وبحسب ما ورد في مقال أعدّته الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت، أشار الواعظ البرتغالي إلى عدم فهم “عطش” يسوع في الإنجيل: فالسامرية مثلاً لم تفهم مباشرة كلمات يسوع، بل فسّرتها على أنها عطش جسديّ، فيما يسوع منذ البدء كان يشير إلى المعنى الروحيّ، ورغبته كانت تستهدف عطشاً آخر، كما شرحه للمرأة: “لو كنتِ تعرفين عطيّة الله، ومَن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب، لطلبتِ أنت منه فأعطاكِ ماء الحياة”.
وتابع الواعظ قائلاً: “في الجلجلة أيضاً، صرخة يسوع “أنا عطشان” غير مفهومة، إلّا أنّه هنا يعود ويقول “لقد تمّ كلّ شيء”. وشرح الكاهن قائلاً: “إنّ العطش هو دمغة إنجاز مهمّته، وهو في الوقت عينه رغبة وهب روحه القدوس الذي هو المياه الحقيقية الحيّة التي يمكنها أن تروي بشكل جذريّ عطش القلب البشريّ. إنّ الشعور بالعطش هو الإيمان بيسوع، والشرب هو المجيء إلى يسوع. في الحقيقة، إنّ العطش الذي يتكلّم عنه يسوع هو عطش وجوديّ يغيّر مجرى حياتنا نحو حياته. والشعور بالعطش هو العطش إلى يسوع. وهكذا، نصبح مدعوّين لعيش المركزية بالمسيح، أي الخروج من أنفسنا والبحث في المسيح عن تلك المياه التي تروي عطشنا، مع التغلّب على تجربة المرجعية الذاتية التي تجعلنا مرضى وتستبدّ بنا”.
في السياق عينه، وبالنسبة إلى الشاعر البرتغالي، “إنّ عطش يسوع يسمح لنا بأن نفهم العطش الساكن في القلب البشريّ، ويسمح لنا بأن نكون مستعدّين لنرويه، عبر الردّ على عطش الله وعلى قلّة الحقيقة”.
وختم الأب خوسي تولنتينو دي مندونشا عظته مؤكّداً أنّ كلمات يسوع “أنا عطشان” لا تخصّ فقط الماضي، بل هي ما زالت حيّة اليوم: “إنّ عطشه يقضي بكسر القيود التي تحبسنا في حسّ الشعور بالذنب وفي الأنانية، فيما تمنعنا من التقدّم والنموّ في الحرية الداخلية. إنّ عطشه يقضي بتحرير الطاقات المخبّأة في داخلنا كي نصبح رجالاً ونساء يعرفون معنى العطف، وفعلة سلام مثله، بدون أن نهرب من الألم وصراعات عالمنا المحطّم، لكن مع اتّخاذ مواقعنا وخلق مجتمعات وأمكنة حبّ، بهدف تزويد هذه الأرض بالرجاء”.