صباح اليوم، ألقى الأب رانييرو كانتالاميسا عظته الثانية الخاصة بالصوم، مركّزاً تأمّله على المحبّة المسيحية، انطلاقاً من مبدأ المحبة الذي يحدّده مار بولس في كتاباته، بناء على ما أورده الموقع الإلكتروني لوسائل إعلام الفاتيكان.
أمّا شرح واعظ الدار الرسولية فقد بدأ بوجوب الغوص في أساس القداسة المسيحية، كما شرحته رسالة المجمع الفاتيكاني الثاني الحبرية: “إنّ القداسة هي الاتحاد الكامل مع المسيح”. وهذه الرؤية تعكس انشغال المجمع للعودة إلى الجذور البيبليّة.
كما وذكّر الكاهن الكبوشي أنّ هذه القداسة المسيحية تقضي بتقليد المسيح، وأنّ قمّتها هي الاتّحاد الكامل به.
ثمّ عاد الأب كانتالاميسا إلى ما كان قد قاله القديس بولس عن تلك القداسة في الرسالة إلى أهل رومة (12): “فأناشدكم أيها الإخوة، برأفة الله أن تجعلوا من أنفسكم ذبيحة حيّة مقدّسة مرضيّة عند الله. فهذه هي عبادتكم الروحية. ولا تتشبّهوا بما في هذه الدنيا، بل تغيّروا بتجديد عقولكم لتعرفوا مشيئة الله: ما هو صالح، وما هو مرضيّ، وما هو كامل”.
وتابع الواعظ قائلاً: “في هذه الآيات، نرى جميع الفضائل المسيحية الأساسية، أو ثمار الروح: الخدمة، المحبّة، التواضع، الطاعة، والطهارة”. إلّا أنّ الواعظ أراد التوقّف عند المحبّة في تأمّله اليوم، وقال: “لفهم المحبة بحسب مار بولس، يجب الانطلاق من هذه النقطة: فلتكن محبّتكم بلا خبث”.
في هذا السياق، شرح كانتالاميسا أنّ ما يُطلَب من المحبّة هو أن تكون حقيقية وأصيلة وصادقة. “فبالنسبة إلى مار بولس، المحبّة صبورة ولا تغضب بل تحتمل كلّ شيء وتصبر على كلّ شيء وتصدّق كلّ شيء وترجو كلّ شيء. وبالنسبة إليه أيضاً، إنّ أكبر ظاهرة محبّة خارجية لا تجدي نفعاً بدون المحبة الداخلية”.
المحبّة بالأعمال
وتابع الأب كانتالاميسا قائلاً: “يُظهر مار بولس أيضاً كيف أنّ الحبّ الصادق يجب أن يُترجم بالأعمال في حياة المجتمع. ويجب التمييز بين المحبة نحو الآخر، والمحبة المتعلّقة بداخل الجماعة الواحدة، خاصّة في مجتمعات مضطهدة بسبب إيمانها…
ومن أجمل صفات القداسة، محبّة الآخرين والتألّم عمّن تسبّبوا لنا بالأذى. أمّا ما يجب فعله أيضاً فهو يُختصر بالعمل بحسب الضمير، واحترام ضمير الآخرين والامتناع عن الحُكم عليهم، وتحاشي التشهير. إنّ كلّ إنسان مدعوّ ليفحص نفسه كي يرى ماذا في خياراته: إن كانت فيها سيادة المسيح ومجده، أو بالأحرى ذاته”.
وختم الواعظ بإضافة معيارَين على القداسة: السلطة والطاعة. “في جميع صراعاتنا التي تقسم مجتمعاتنا المحلية والعالمية، نحن مدعوّون للتأمّل بكلمات الرسالة إلى أهل رومة: فليرحّب بعضكم ببعض، كما استقبلكم المسيح لمجد الله”.