“الشجاعة والصبر” هما من خصائص الصلاة التي يجب رفعها لله “بكلّ حرية، وكالأولاد”: هذا ما أشار إليه البابا فرنسيس صباح اليوم 15 آذار، خلال عظته التي ألقاها من كنيسة دار القديسة مارتا.
وبحسب ما أورده القسم الفرنسي من موقع فاتيكان نيوز، ارتكز الحبر الأعظم بالإجمال على القراءة الأولى لهذا اليوم، والمُقتبسة من سفر الخروج (بناء على الطقس اللاتيني)، وهي تخبرنا عن حوار جرى بين الله وموسى حول كُفر العبرانيين.
منطق الرشوة
شرح البابا القراءة كالتالي: “غضب الرب من خيانة شعب إسرائيل الذي “تخلّى عن مجد الله الحيّ ليعبد العجل الذهبيّ”، فوعد بالقضاء عليه. إلّا أنّ موسى حاول تهدئة غضب الله”.
وفي الحوار الجريء بينهما، جادل النبيّ الله وذكّره بكلّ ما كان قد فعله لشعبه، محرِّراً إيّاه من العبودية ومكافئاً إبراهيم وإسحق. وفي الكلمات التي طبعت تلك المواجهة الكلاميّة، يبدو جلياً تدخّل موسى والحبّ الذي يكنّه لشعبه. “فموسى لم يخشَ قول الحقيقة، ولا نراه يدخل في منطق لعبة الرشوة، كما ولا يستسلم لإمكانية بيع ضميره. وهذا يعجب الله: عندما يرى الله نفساً أو شخصاً يصلّي بلا انقطاع لأجل شيء ما، يتأثّر”.
“لا رشوة. أنا مع الشعب، وأنا معك: تلك هي صلاة الشفاعة: صلاة تُجادل وتتمتّع بشجاعة التكلّم بوجه الرب الصبور”. من هنا، يجب التمتّع بالصبر في صلاة طلب الشفاعة: لا يمكننا أن نعد أحدهم بالصلاة على نيّته، والاكتفاء بتلاوة “أبانا وسلام”، ثمّ الرحيل! “لا، إن كان علينا الصلاة لأجل شخص آخر، يجب أن نسلك ذاك الطريق، ويلزمنا الصبر”.
الصبر والثبات في الصلاة
وتابع الأب الأقدس عظته قائلاً: “ليس نادراً للأسف أن نرى مدراء مستعدّين للتضحية بشركتهم، ليس فقط للحفاظ على مصالحهم، بل أيضاً للحصول على بعض الميزات. لكنّ موسى لم يدخل في منطق الرشوة، فهو مع الشعب ويناضل لأجله”.
من الجدير بالذكر هنا أنّ الكتابات المقدّسة تعجّ بأمثلة على الثبات، وعلى القدرة للتقدّم بصبر، كمثال المرأة الكنعانية أو أعمى أريحا.
وأضاف أسقف روما: “بالنسبة إلى صلاة الشفاعة، يلزم أمران: الشجاعة والصبر. إن أردت أن يستمع الرب إلى طلبتي، عليّ الذهاب إليه والقرع على بابه، بل القرع على قلبه… لأنّ قلبي معنيّ! لكن إن لم يكن قلبي معنيّاً في هذه النيّة أو مع ذاك الشخص الذي عليّ أن أصلّي على نيّـته، فلن يمكن أن أُظهر الشجاعة والصبر اللازمَين”.
التزام القلب
بعد هذا الشرح، أشار البابا فرنسيس إلى “الطريق” الذي يجب أن يكون طريق “صلاة الشفاعة”: أن نكون معنيّين، أن نناضل، أن نتقدّم وأن نصوم.
“فليمنحنا الرب تلك النعمة، نعمة الصلاة أمام الله بحرية كأبناء: الصلاة بثبات وصبر، لكن الصلاة ونحن عارفين أننا نتكلّم مع أبينا، وأنّ أبانا سيسمعنا. فليساعدنا الله على التقدّم في صلاة طلب الشفاعة”.