خلال قدّاس تبريك الزيت الذي احتفل به صباح اليوم من بازيليك القديس بطرس، أوصى البابا فرنسيس الكهنة بثلاثة مجالات للقُرب الكهنوتي، خلال عظته التي ألقاها على مسامع كهنة أبرشية روما وأبرشيات العالم، بناء على ما كتبته الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسي من زينيت.
كما وتمنّى الحبر الأعظم وجود “كهنة قريبين من الناس، كهنة دائمي الوجود، يتكلّمون مع الجميع… كهنة شارع!”
في التفاصيل، تكلّم الأب الأقدس عن مجال المرافقة الروحية، ومجال الاعتراف، ومجال إلقاء العاظات، ناصحاً الكهنة بالتالي: “إن شعر أيّ منكم بأنّه بعيد عن الله، فليقترب من شعبه الذي سيُداويه من الإيديولوجيات التي جعلت حماسته تخفّ”، مؤكّداً أنّ “الناس يقدّرون الكاهن القريب منهم والذي يسير معهم بعطف الراعي، ويشعرون أنّ فيه شيئاً مميّزاً لا يشعرون به عادة إلّا بوجود يسوع!”
وأضاف في عظته: “عندما يقول الناس عن كاهن إنّه قريب، فهذا يعني أنّه ليس منشغلاً عنهم، بل أنّه دائم الوجود، وأنّه يعرف إيجاد الكلمة المناسبة لكلّ شخص، سواء كان صغيراً أو كبيراً، لأنّه يتبع مثال يسوع الذي أراد أن يعلّم وأن يعظ وأن يكون رسول البشرى السارّة، بدلاً من أن يكون مُشرِّعاً”.
القُرب مفتاح الحقيقة
وأشار الحبر الأعظم إلى أنّ “القُرب هو أكثر من اسم فضيلة خاصّة، فهو تصرّف يُشرك كلّ حواس المرء، وطريقة وضعه للصِلات، فيما يكون في الوقت عينه متنبّهاً لنفسه وللآخر… إنّ القُرب من الناس هو مفتاح الرحمة، ومفتاح الحقيقة، التي هي بدورها إخلاص إذ يمكننا عبرها أن ندعو الأشياء باسمها، كما دعاها الرب، قبل تصنيفها أو “تحديد وضعها” ومعاملتها بناء على هذا الرأي الأخير”.
وتابع البابا قائلاً للكهنة: “إن شعرتم بأنّكم بعيدون عن الناس، اقتربوا من الله ومن كلمته. ففي الإنجيل، سيُعلّمكم يسوع طريقة النظر إلى الناس، والقيمة التي يتمتّع بها كلّ شخص سفك دمه لأجله على الصليب. وفي القُرب مع الله، سيصبح الكلمة جسداً في كلّ واحد منكم، لتعودوا وتصبحوا كهنة قريبين من كلّ جسد”.
ولم ينسَ البابا أن يشير إلى أنّ “الرب اختار أن يكون قريباً من شعبه، إذ عاش حياة سرّية طوال ثلاثين عاماً! وبعدها، بدأ يبشّر. هذه هي أصول التجسّد والتعليم، ليس فقط في الحضارات القديمة، بل في الرعيّة وفي ثقافة الشباب…”
في هذا السياق، حذّر الأب الأقدس من “تجربة تأليه بعض الحقائق التي تمنح سلطة، فيما يصعب التعرّف إليها مباشرة، لأنّ تتنكّر مستعملة كلمات من الإنجيل، إلّا أنّها لا تسمح بلمس القلب. والأسوأ أنّها تُبعد الناس عن القُرب من الكلمة ومن أسرار يسوع الذي يشفي”.
وختم البابا عظته طالباً من مريم “عذراء القُرب” أن تكون “قريبة منّا، وأن توحّد صوتنا عندما نقول لشعبنا أن يفعل ما يأمره به يسوع، كي يَظهر قُربها الأمومي في اختلاف آرائنا، هي التي لطالما قرّبتنا من يسوع بكلمة “نعم” التي قالتها”.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الأب الأقدس كرّس زيت العِماد والتثبيت والسيامة خلال احتفال اليوم، كما وبارك الزيت الذي يستعمله طلّاب التعليم المسيحي وزيت المرضى.