“في عالم يصرخ “الحرية” لكنّه عالم عبد، فلنسأل أنفسنا: هل أنا حرّ أو عبد لطموحاتي وللثراء وللموضة؟”
هذا هو السؤال الذي دعا الأب الأقدس المؤمنين إلى طرحه على ذواتهم اليوم، خلال عظته الصباحية التي ألقاها من دار القديسة مارتا، بحسب ما نقلته لنا الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت.
وقد تأمّل البابا في عظته بثلاثة أوجه للحرية، بدءاً من غمالائيل الفرّيسي الذي أقنع أعضاء المجلس بتحرير بطرس ويوحنا (أع 5 : 34 – 42)، “لأنّه رجل حرّ يفكّر بلا ضغط، ويحمل الآخرين على التفكير، ويقنعهم أنّ الوقت عامل أساسي”.
الإنسان الحرّ لا يخشى الوقت
كما وأشار الأب الأقدس في عظته إلى أنّ “الإنسان الحرّ لا يخشى الوقت، بل يدع الله يتصرّف ويعطيه فسحة ليتصرّف في الزمن. الإنسان الحرّ صبور. مع العلم أنّ غمالائيل كان يهودياً ولم يكن مسيحياً، ولم يتعرّف على يسوع المخلّص. إلّا أنّه كان رجلاً حرّاً، يصيغ فكرته ويقدّمها للآخرين فيتقبّلونها. الحرّية ليست مستعجلة”.
وذكّر الحبر الأعظم أنّ بيلاطس أيضاً كان بارداً وكان يفهم أنّ يسوع بريء، “لكنّه لم يتوصّل إلى حلّ المشكلة لأنّه لم يكن حرّاً بسبب تعلّقه بترقية. كانت شجاعة الحرية تنقصه، لأنّه كان عبداً للمهنة والطموح والنجاح”.
أمّا المثال الثاني على الحرية فهما بطرس ويوحنا اللذين كانا قد شفيا المخلّع، ومثُلا أمام المجلس. وبعد أن عوقبا بشكل ظالم، تركا المجلس مسرورَين لأنّهما حُكِما بسبب قيامهما “بأمور جنونية” لأجل اسم يسوع. هذا هو فرح تقليد يسوع. إنّها حرية من نوع آخر، أكبر وأوسع ومسيحية أكثر. كانا سعيدين لأنّهما عانيا لأجل اسم يسوع، وكانا حرَّين في المعاناة، لأجل اتّباع يسوع.
“هذا هو التصرّف المسيحي: ربّي، لقد أعطيتني الكثير، وتألّمت لأجلي، فماذا يمكنني أن أفعل لأجلك؟ خذ ربّي حياتي وروحي وقلبي… كلّ شيء لك… هذه هي حرية المغرم بيسوع المسيح… فعلتَ هذا لأجلي، وأنا أفعل هذا لأجلك”.
ثمّ أضاف أسقف روما: “اليوم، هناك كثر مسجونون ويخضعون للتعذيب، إلّا أنّهم يتابعون ممارسة حريتهم القاضية بالاعتراف بيسوع”.
فيما يتعلّق بالمثل الثالث عن الحرية، أشار البابا إلى أنّه خلال أعجوبة الخبز والسمك، كان الشعب متحمّساً جداً إلى درجة أنّه أراد اختطاف يسوع لجعله ملكاً عليه. “ومن جديد، انسحب يسوع إلى الجبل وابتعد عن النصر، ولم يدع نفسه ينخدع به. كان حرّاً… وفي الصحراء، بوجه تجارب الشيطان، كان حرّاً، وقضت حريته بالعمل بمشيئة الآب. ثمّ انتهى به الأمر على الصليب، وهذا هو مثال الحرية الأكبر: يسوع المسيح”.
ثمّ ختم البابا عظته داعياً المؤمنين إلى فحص ضمير: “فلنفكّر اليوم في حريتنا… هل أنا حرّ أو عبد لشغفي ولطموحاتي وللثراء وللموضة؟ قد يبدو الأمر مزحة، لكنّ العديد من الأشخاص هم عبيد للموضة! فلنفكّر في حريتنا في هذا العالم “الفُصامي” الذي يصرخ “الحرية، الحرية”، إنّما هو عبد، عبد، عبد. فلنفكّر في هذه الحرية التي أعطانا إياها الله”.