“لا للإنجيل المخصوم ولا للتدابير المؤقّتة، ولا للحنين إلى الماضي ولا للثرثرة الحاضرة، ولا للخوف من المستقبل، بل نعم لكنيسة مغرمة بالله وشغوفة بالإنسان. عندما يطلب الرب منّا كلمة “نعم”، لا يمكننا أن نجيبه بكلمة “ربما”!”: هذا هو تشجيع البابا فرنسيس الذي زار صباح اليوم 20 نيسان أليسانو، أي مسقط رأس المونسنيور تونينو بيلو (1935 – 1993)، ومولفيتا أي الأبرشية التي كان الأسقف الإيطالي يديرها، وذلك لمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لوفاته، بحسب ما نقلته لنا الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت.
في التفاصيل، انطلق البابا في السابعة صباحاً بالطوّافة باتجاه أليسانو في مقاطعة لتشي، حيث استقبله عند الثامنة والنصف أسقف أوجنتو ومختار أليسانو. ثمّ توجّه البابا للصلاة أمام قبر دون تونينو بيلو، حيث وضع أزهاراً بألوان الفاتيكان، تحت شجرة تحمل لافتات عليها كلمة “سلام”.
بعدها، التقى الأب الأقدس عائلة دون تونينو، قبل الانضمام إلى حوالى 20 ألف شخص كانوا بانتظاره.
الإنجيل يدعونا إلى حياة غير مريحة غالباً
في كلمته التي ألقاها على مسامع الموجودين، أشار الحبر الأعظم إلى أنّ “فهم الفقراء كان غنى دون تونينو… وقد كان محقّاً لأنّ الفقراء هم حقاً غنى الكنيسة”. كما وحذّر الأب الأقدس من “تجربة اتّباع أصحاب النفوذ والبحث عن الامتيازات والتنعّم بحياة سهلة. فالإنجيل يدعونا غالباً إلى حياة متعبة، لأنّ مَن يتبع يسوع يحبّ الفقراء والمتواضعين”.
كما وأضاف البابا أنّ دون تونينو يمثّل نداء “لنصبح مغرمين بالرب، وليس مجرّد مؤمنين”، متمنّياً “كنيسة غير متعلّقة بالدنيويات لكن كنيسة في خدمة العالم، كنيسة متأمّلة مغرمة بالله وشغوفة بالإنسان”.
وأضاف: “دعونا نقلّد دون تونينو، ولنترك حماسته المسيحية تنقلنا، ولنسمع دعوته الملحّة لعيش الإنجيل كاملاً”.
من ناحية أخرى، وبعد أن ألقى الأب الأقدس التحيّة على المرضى والمعوّقين، انطلق نحو مولفيتا، أي المحطّة الثانية من زيارته، حيث استقبله الأسقف والمختار أيضاً، بالإضافة إلى حشد من 40 ألف شخص.
لم نعد نعيش لأنفسنا بل للآخرين
في مولفيتا، وقرب المياه على المرفأ، احتفل الأب الأقدس بذبيحة إلهية أشار خلالها إلى أنّ “الإفخارستيا ليست طقساً جميلاً، بل هي الشراكة الأكثر حميميّة والأكثر حسية وإذهالاً التي يمكن تخيّلها مع الله. بدون يسوع خبز الحياة، كلّ جهد في الكنيسة باطل”.
هنا، اقتبس الأب الأقدس كلام دون تونينو قائلاً: “الأعمال لا تكفي إن كان الحبّ ينقصها”.
وتابع البابا: “إنّ المسيحيّ مدعوّ للتوقّف عن العيش لذاته ولنجاحه وللحصول على شيء أو ليصبح شخصاً مهمّاً، بل هو مدعوّ للعيش لأجل يسوع ومثل يسوع، أي للآخرين”، مقترحاً أن تُكتب جملة “بعد القداس، لا نعود نعيش لأجل أنفسنا، بل لأجل الآخرين” على أبواب الكنائس.
“إنّ كلمة يسوع تجعلنا نمشي في الحياة، ولا تدعونا للجلوس والتكلّم عمّا لا يجري جيّداً… يجب أن نتمتّع بشجاعة التغيير… لا يمكن أن نجيب يسوع بالحسابات وظروف اللحظة الحالية، بل بكلمة “نعم” طوال الحياة”.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّه خلال القداس، استخدم الحبر الأعظم عصا دون تونينو التي يعلوها غصن زيتون، بالإضافة إلى رمز الأسقفية وشعاره: “فليسمعني الفقراء، وليحتفلوا”. كما وأنّ البساطة خلال القدّاس تمثّلت بكرسي خشبيّ جلس عليه البابا تحت صليب على شكل صليب دون تونينو الراعوي. ولم ينسَ الحبر الأعظم وضع وردة أمام تمثال سيّدة الشهداء (العائد لعام 1188).
وبعد القداس، حيّى البابا بعثة من الأبرشية، وعاد إلى الفاتيكان بالمروحيّة أيضاً.