وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء.
(يو13:3)
إذًا ما تفسير أنّ النبي إيليا “الحيّ” الذي عاش قبل التجسد، “صعد في العاصفة إلى السماء” ؟
إذا عدنا الى النص البيبلي وتحديداً الى (2 ملوك 2-11) نقرأ :
وفيما هما (إيليا و أليشع) يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار فصلت بينهما، فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء.
العاصفة حملت إيليا، وهنا يفسر علماء الكتاب المقدس ” ان ايليا ضاع في عاصفة رملية إلى حد انها غطته وطمرته. وقد بحث عنه الرجال ثلاثة ايام فلم يجدوه (2 ملوك 2-17). و لكن الموت ليس النهاية، فقد أرسل الرب روحه وأخذ ايليا الى السماء. تلك هي نهاية الإبرار كما يقول سفر الحكمة: “أما النفوس الابرار فهي بيد فلا يمسها عذاب ” (حكمة 3-1).
يتحدث القديس يوحنا ذهبي الفم عن “مثوى الأموات” الذي كان شائعاً الإعتقاد بأنه الحالة التي ينتقل إليها أموات ما قبل التجسد، و يميّز ما يخص إيليا (و أيضاً أخنوخ) عن أنهم من أبرار العهد القديم الذين إستفادوا من نعمة المسيح التي كانت تعمل طويلاً قبل الصلب نفسه، فأعطوا من الرؤية الطوباوية لله. و لكن يستدرك في مقارنة إنتقال السيدة العذراء بإصعاد إيليا أو أخنوخ الى السماء فيقول أنهم لا يتمتعون بالامتياز الكامل الذي مُنح للعذراء المباركة في إنتقالها بالنفس والجسد الى السماء.
و لمنتظري إيليا قبل مجيء المسيح يجيب الكتاب نفسه في إنجيل متى الفصل السابع عشر حيث دار النقاش بين يسوع و التلاميذ :
“وسأله تلاميذه قائلين: «فلماذا يقول الكتبة: إن إيليا ينبغي أن يأتي أولا؟» فأجاب يسوع وقال لهم: …” إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا. كذلك ابن الإنسان أيضا سوف يتألم منهم”. حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان. ”
من الواضح أنّ يوحنا المعمدان أتى ب “روح” إيليا أي بزخمه وغيرته على الخلاص….
طبعاً مات إيليا، ولكن….
طبعاً لا تزال “غيرته” على عبادة الله ومحبته له حيّة و لذلك يُطلق عليه : مار إلياس الحيّ.
وذكره حيّ الى اليوم، فلا تخلو عائلة ممن يحمل إسمه، و يحصي البعض الكنائس التي تحمل إسمه وتصلي لله بشفاعته في المرتبة الثانية بعد كنائس المسماة على إسم السيدة العذراء.
كان مدرسة في التتلمذ النبوي، ومثال في البطولة فوق الضعف…
لم يكن سيفه عنفاً إنما رفع سيف كلمة الله الحافظة للحقيقة والمزيلة للتردد في العارجين بين محبة الله ومحبة العالم وشهواته وأمواله…
وفي هذا سيظلّ أبداً “الحيّ”.
من منا لا يطلب مركبة نارية تحمله إلى السماء؟ و ها الرب هنا: يرسل روحه القدوس تحوّل أعماقنا إلى نار حب متقد، لا يستطيع ماء العالم كله أن يطفئه!!
فعلّنا كإيليا نفتح قلوبنا لأنّ أبواب السماء مفتوحة لنا !!
ما تفسير أنّ النبي إيليا "الحيّ" الذي عاش قبل التجسّد، "صعد في العاصفة إلى السماء"؟
ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء