لدى وصول البابا فرنسيس إلى إيرلندا يوم السبت، استقبله رئيس الجمهورية مايكل هيغينز في القصر الرئاسي شمال دبلن.
وبحسب ما نقلته لنا الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت، وقّع الأب الأقدس لدى دخوله القصر “كتاب الشرف” مدوّناً تلك الكلمات: “مع امتناني للاستقبال الودّي الذي حصلت عليه، أؤكّد لكم ولشعب إيرلندا على صلواتي، كي يرشدكم الله القدير ويحميكم جميعاً”.
بعد ذلك، كان له لقاء خاص مع رئيس الجمهورية طوال نصف ساعة، جرى بعده تبادل للهدايا، بحيث أنّ الأب الأقدس قدّم للرئيس ميدالية عن رحلته الرسولية تحمل رسم القديس باتريك شفيع إيرلندا، وشعار لقاء العائلات العالمي في دبلن.
ثمّ خُتمت الزيارة في الحديقة حيث زرع الحبر الأعظم شجرة والتقى عائلة من اللاجئين، لينقل بعد ذلك إلى “قصر دبلن” حيث التقى سلطات البلاد المدنية والدبلوماسية، وأدان في أوّل كلمة رسميّة ألقاها “الجرائم الجنسية الخسيسة التي تُرتكب في قلب الكنيسة من قبل رجال الدين”. كما وعبّر عن سخطه ومعاناته وخجله وتضامنه مع الضحايا، مشدّداً على “وجوب محو هذه الآفة، مهما كان الثمن”.
وأكّد الأب الأقدس أنّ “فشل السلطات الكنسيّة، من أساقفة ورؤساء دينيين وكهنة، في مواجهة هذه الجرائم بالطريقة المناسبة تسبّب بسخط كبير، وهو يبقى سبباً للألم ولخجل المجتمع الكاثوليكي، وأنا من بين أفراده”.
ثمّ عاود االبابا فرنسيس في كلمته التأكيد على تصميمه على عدم السماح إطلاقاً بحصول هذه الجرائم قائلاً: “إنّ سلفي البابا بندكتس السادس عشر لم يوفّر كلمة للاعتراف بفظاعة الوضع، وطلب اتّخاذ تدابير “إنجيلية وعادلة وفعّالة” حيال خيانة الثقة تلك. إنّ تدخّله الصريح ما زال تشجيعاً لجهود السلطات الكنسيّة للحؤول دون ارتكاب الأخطاء الماضية واعتماد قوانين فعّالة لعدم تكرار ذلك. آمل أن تساعد خطورة فضائح الاعتداءات على الإشارة إلى أهمية حماية القاصرين والراشدين الضعفاء من قبل المجتمع برمّته”.
تجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أنّ البابا تطرّق إلى رسالته الأخيرة التي وجّهها لشعب الله بهذا الموضوع، مؤكّداً على الالتزام بمحو هذه الآفة.
من ناحية أخرى، ومُشيراً إلى أنّ “كلّ ولد هو هبة ثمينة من الله”، ذكّر الحبر الأعظم بأنّ “الكنيسة في إيرلندا لعبت في الماضي وتلعب في الحاضر دوراً في تعزيز خير الأولاد”.
وأضاف: “أصلّي ألّا تنسى إيرلندا الغارقة في السجال السياسي الاجتماعي ألحان الرسالة المسيحية التي دعمتها في الماضي، والتي يمكنها أن تبقى تدعمها في المستقبل”.
ثمّ ذكّر البابا بهدف زيارته البلاد لمناسبة انعقاد لقاء العائلات العالمي التاسع، وأشار إلى “الدور الفريد الذي تمارسه العائلة في تنمية نسيج اجتماعي مزدهر… إنّ العائلة هي رابط المجتمع، ويجب تعزيز خيرها وحمايته”.
كما وتطرّق الأب الأقدس أيضاً في كلمته إلى “الصراع الطويل الذي فصل إخوة من العائلة نفسها”، معبِّراً عن “رجائه بأن تتخطّى عملية السلام جميع العقبات وأن تُفضِّل الوفاق والمصالحة والثقة المتبادلة”.
ولم ينسَ الحبر الأعظم الدفاع عن الأكثر ضعفاً والأفقر والمهاجرين من بين العائلة البشرية، ناصحاً باعتماد الانفتاح والمبالاة بالآخرين بعيداً عن القرارات السياسية.