تتفاعل قضيّة فيغانو يوماً بعد يوم، بحيث أنّ الضوء يُلقى على التناقضات الواردة فيها، كما ويصدر تكذيب للحقائق من قبل جهات عديدة، كالتصريح الذي أدلى به المونسنيور جورج غانسواين (سكرتير البابا بندكتس السادس عشر) بتاريخ 28 آب الماضي، بناء على ما كتبه الزملاء في القسم الفرنسي من زينيت.
“البابا المتقاعد لم ولن يعلّق على الموضوع. هذا خبر مزيّف لا أساس له”. بهذه الجملة، كذّب غانسواين المعلومات التي أشارت إلى أنّ بندكتس أكّد مزاعم المونسنيور كارلو ماريا فيغانو، الذي اتّهم بدوره البابا فرنسيس بمعرفته بتصرّفات الكاردينال السابق ثيودور ماكاريك بدون أن يتصرّف.
من ناحيته، وخلال مقابلة أجرتها محطة مؤتمر الأساقفة الإيطاليين TV2000 مع الأب فيديريكو لومباردي (المدير السابق لمكتب دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي) بتاريخ 3 أيلول، وصف الأخير رسالة المونسنيور فيغانو (السفير البابوي السابق في الولايات المتّحدة الأميركية) بأنّها “اتّهامات عدائيّة للغاية تخلط عناصر الحقيقة مع عناصر خطأ تزرع الارتباك، وتميل إلى خلق وضع انقسام في الكنيسة”.
كما وذكّر لومباردي بكلمات البابا فرنسيس الذي قال خلال عظة قدّاسه في دار القديسة مارتا إنّه “ينوي التزام الصمت و”عدم الردّ مباشرة على هذه الاتهامات وعدم التورّط في دوّامة من الشجارات والتناقضات العنيفة التي ستزيد من الانقسام وتُلحق الأذى بالكنيسة”. فالأب الأقدس اختار تقليد يسوع الذي أظهر صبراً واتّضاعاً ولم يسمح لنفسه بالانحدار إلى مستوى الاتّهامات”.
كما وأضاف الكاهن اليسوعيّ أنّه “لا يمكن أبداً أن نتفاجأ لوجود المصاعب ولحظات التوتّر التي تولّد الارتباك في الكنيسة، إذ لطالما اختبرت الكنيسة لحظات مماثلة، وستبقى تختبرها. ليس علينا أن نتوهّم بوجود الجنّة على الأرض، وأعتقد أنّ الصبر والاعتدال اللذين يعتمدهما الحبر الأعظم هما الطريق الصحيح لنسلكه”.
نشير هنا إلى أنّ الأب لومباردي كان قد وقّع في 3 أيلول أيضاً على رسالة إلكترونيّة موجّهة من الأب توماس روزيكا (مساعد الأب لومباردي في اللغة الإنكليزية خلال سينودس الأساقفة في تشرين الأول 2015) إلى وسائل الإعلام، وضمن محتواها تقرير عن لقاء الكاهنَين المذكورَين بالمونسنيور فيغانو في 10 تشرين الأول 2015.
وبحسب ما قاله آنذاك المونسنيور فيغانو عندما استُدعي إلى روما في تشرين الأول 2015 – إثر زيارة كيم دايفيس إلى السفارة البابوية في واشنطن، والتي أثارت جدلاً كبيراً بعد زيارة البابا فرنسيس إلى الولايات المتحدة – فإنّ البابا لم يوبّخه: “تفاجأت خلال لقائي مع البابا أنّه لم يذكر مرّة اللقاء مع دايفس. كان البابا طيّباً معي… ولم يوجّه لي كلمة توبيخ، بل أشاد بنجاح زيارته إلى الولايات المتّحدة وشكرني عليها، لكنّه قال فقط إنّني خدعته لدى تقديمي تلك المرأة في السفارة”.
إلّا أنّ رسالة روزيكا الإلكترونية تشير إلى أنّه بعد لقاء البابا فرنسيس في 9 تشرين الأول 2015، طلب فيغانو حضور الأب لومباردي والأب روزيكا إلى شقّته مساء السبت 10 تشرين الأول 2015.
“تفاجأ كلانا لدى رؤيته أنّ فيغانو كان ما زال يحتفظ بشقّته في دار القديسة مارتا. ولدى دخولنا، جلسنا مع المونسنيور فيغانو الذي كان متوتّراً إثر استدعائه إلى روما، وقال إنّه لم يكن ينوي إيذاء البابا بفكرته لدعوة دايفيس إلى السفارة في واشنطن، مُصرّاً على ألّا تعرف الصحافة أنّه تمّ استدعاؤه إلى روما”.
وقد أكّد الأب فيديريكو لومباردي أنّ ملاحظات الأب روزيكا “موثوقة”، مُصرّاً على مسؤولية المونسنيور فيغانو في ذاك اللقاء الذي لا يمكن أن يُعزى إلى المتعاونين مع البابا.