في هذه الأوقات يبدو وكأنّ المتّهم الكبير قد قام ضدّ الأساقفة ليخلق الفضائح. لذا فمن الضروري أن يتذكّر الأساقفة الجوانب الثلاثة الأساسية: قوّتهم، هي في أن يكونوا رجال صلاة وأن يتحلّوا بالتواضع لمعرفة أنهم اختيروا من الله وأن يبقوا قريبين من الشعب. تأمّل البابا في عظته الصباحية اليوم من دار القديسة مارتا حول هذه الفكرة منطلقًا من إنجيل اليوم المأخوذ من القديس لوقا وفيه يخبرنا عن يسوع الذي أمضى الليل كله في الصلاة ثم اختار الرسل الاثني عشر أي “الأساقفة الأولين”. نزل إذًا في مكان منبسط حيث جاء حشد كبير من الشعب ليسمعوه ويبرأوا من أمراضهم.
رجل صلاة
يكمن الجانب الأساسي الأوّل في خدمة الأساقفة في أن يكونوا رجال صلاة فالصلاة في الواقع هي تعزية الأسقف في الأوقات المظلمة. عندما يدرك الأسقف أنّ يسوع يصلّي من أجله في تلك اللحظات، عندئذٍ يجد القوّة ليصلّي هو أيضًا إلى شعب الله. هذا هو واجبه الأوّل. وهذا أمر يؤكّده القديس بطرس عندما يقول: “لنا الصلاة وخدمة كلمة الله” ولم يقل: “لنا تنظيم البرامج الرعوية”.
إنسان يشعر بأنه مختار ويبقى متواضعًا
إنّ الجانب الثاني الذي شدد عليه البابا هو التواضع: “الأسقف الذي يحبّ يسوع ليس وصوليًا يسير قدمًا بدعوته كما لو كانت مجرّد وظيفة بينما يتطلّع إلى إمكانيات أخرى للمضي قدمًا والتقدّم. لا! إنّ الأسقف يشعر بأنه تمّ اختياره وهو متأكّد من ذلك. وهذا يدفعه إلى القيام بحوار مع الرب: “يا رب أنت اخترتني، أنا الحقير والخاطىء…” وذلك لأنه متواضع وعندما يشعر بأنّه تم اختياره، يشعر بنظرة يسوع على حياته وهذا يمنحه القوّة”.
أن لا يبقى بعيدًا عن الشعب
في الختام، كما يسوع نزل إلى مكان منبسط ليكون بالقرب من الشعب كذلك الأسقف لا يبقى بعيدًا عنهم ولا يتصرّف بأسلوب يبعده عن الشعب ويسمح للشعب أن يلمسه. ولا يبحث عن ملجأ لدى الأقوياء والنخبة لأنّ الشعب هو الذي يحب الأسقف ويملك هذه المسحة الخاصة التي تُثبِّت الأسقف في دعوته.
المتّهم الكبير يريد أن يشكك الشعب
ذكّر البابا بأنّ قوّة الأسقف تكمن في كونه رجل صلاة ومعرفته بأن الله قد اختاره وبأن يبقى بقرب الشعب. هذا أمر سيفيدنا تذكّره، لاسيما في هذا الزمن الذي يبدو فيه أنَّ المُتَّهم الكبير طليق ويحارب الأساقفة. صحيح أننا نحن الأساقفة جميعنا خطأة وان المتَّهم الكبير يحاول كشف الخطايا المرئيّة ليشكك الشعب لكنَّ قوّة الأسقف ضدّ هذا المتَّهم الكبير هي الصلاة، صلاة يسوع وصلاته، والتواضع إذ يشعر بأنَّ الله قد اختاره وقربه من شعب الله بدون أن يتوجّه نحو حياة أرستقراطيّة تحرمه من هذه المسحة. وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنصلِّ اليوم من أجل أساقفتنا: من أجلي ومن أجل جميع أساقفة العالم.