في كلمة طويلة ألقاها، أشار البابا فرنسيس إلى الكهنة والمكرّسين (رجالاً ونساء) والإكليريكيين في صقلية، كيف “يحتفلون ويرافقون ويشهدون على الهبة التي وضعها الله في قلوبهم”.
في الواقع، وبحسب ما نقلته لنا أنيتا بوردان من القسم الفرنسي في زينيت، التقى الأب الأقدس رجال الكهنوت والمكرّسين يوم السبت 15 أيلول 2018 في كاتدرائية سيدة الانتقال في باليرمو، حيث يوجد تابوتا القديسة روزالي شفيعة المدينة، والطوباوي شهيد المافيا الأب بينو بوليزي.
ونذكّر هنا أنّ الأب الأقدس قام بزيارة إلى باليرمو لمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين على قتل الكاهن المذكور يوم عيد مولده السادس والخمسين، أي في 15 أيلول 1993.
أمّا في كلمته التي ألقاها على مسامع الكهنة والمكرّسين، فقد أعطى الحبر الأعظم مثل الأب بوليزي وأسلوب حياته، وحثّ سامعيه على الهرب من النميمة والانقسام والإكليروسية ومحاباة الأقارب وأيّ سعي خلف السلطة، لكي يكونوا ببساطة خدّاماً وإخوة وأخوات وآباء وأمّهات وشهوداً للمسيح.
وبالنسبة إلى خدمة الكهنة، أصرّ الأب الأقدس على كونها “بدوام كامل” وعلى أن يتمّ تسليمها للمسيح الذي يعتبر حياة الكاهن هبة. “إلّا أنّ على حياة الكاهن أن تكون أيضاً غفراناً بما أنّه يمنح الغفران في سرّ المصالحة”.
في هذا السياق، اعترف البابا أنّ ما يقوله “قويّ قليلاً”، لكننا نفهم ذلك بما أنّه يقصد التكلّم عن الفضائح المالية أو الجنسية، وعن فضائح السلطة والانقسامات في الكنيسة، وأنّ كلامه يتعدّى حدود صقلية!
وعن الاحتفال، أضاف الأب الأقدس: “فلنتساءل كلّ يوم ضمن فحص الضمير إن كنّا أعطينا حياتنا لحبّ الله، وإن كنّا سمحنا لإخوتنا بأن “يأكلونا” كما نأكل جميعاً جسد المسيح، ضمن “الاحتفال بالإفخارستيا”. هكذا عاش الأب بينو”.
أمّا عن المسامحة فقد قال البابا إنّها أساسية في حياة الكاهن، لأنّ الغفران هو فرح، سواء في الغفران للآخر أو في منح الغفران ضمن سرّ المصالحة. “إنّ الكاهن مسؤول عن الغفران طوال الوقت، فهو يحمل سلام المسيح ويُعطي الاتفاق حيث الخلاف… فلنطلب من الله أن نكون حاملين مناسبين للإنجيل، قادرين على الغفران وعلى حبّ أعدائنا… إذ حيث يكون الانقسام، يكون الشيطان معه، لأنّه هو مَن يتّهم ليُفرِّق”.
أمّا النقطة الثانية التي تكلّم عنها الأب الأقدس فهي “المرافقة”: إنّ المرافقة هي مفتاح الراعي في أيّامنا هذه. فنحن بحاجة إلى رعاة يكونون الأيقونة الحيّة للقُرب من الآخرين، كما كان يسوع قريباً منّا. ولنفكّر أيضاً في الأب بوليزي الذي تكلّم مع الشباب بدلاً من أن يتكلّم عنهم! إنّ المرافقة رسالة تنبع من الصبر والإصغاء والتمتّع بقلب أب وأمّ بالنسبة إلى الراهبات، لكن ليس قلب مدير مطلقاً… فلنذهب للقاء الناس ببساطة مَن يودّون أن يحبّوهم فيما يسوع في قلبهم… ولنكبر معاً في الرعية ولنرافق الجميع ولنوجِد أمكنة للّقاء حيث نصلّي ونتأمّل ونفكّر ونمضي وقتاً في تعلّم كيف نكون مسيحيّين صالحين ومواطنين صادقين”.
كما ووجّه البابا كلمة للراهبات والمكرّسات قائلاً لهنّ: “أنتنّ الباب لأنّكنّ أمّهات، والكنيسة أمّ… أنتنّ تتمتّعن بحنان الأمّ وصبرها، لذا أرجوكنّ أن تتورّطن في الراعوية”.
وبالنسبة إلى الفعل الثالث الذي اقترحه على سامعيه، أي الشهادة، قال الأب الأقدس: “إنّ الشهادة تعنينا جميعاً، وهي تخصّ الحياة الرهبانيّة التي هي بحدّ ذاتها شهادة ونبوءة للمسيح في العالم… إنّ الشهادة مُعدية! فلنطلب نعمة عيش الإنجيل مثل الأب بينو، خاصّة وأنّ الإنجيل يطلب منّا اليوم أكثر من أيّ وقت مضى أن نخدم بالبساطة وأن نكون أحراراً لنشهد للمسيح”.
ثمّ ختم الأب الأقدس كلمته قائلاً: “إنّ الكنيسة هي في العالم، لذا يجب محو الشذوذ… ومَن يشهد هو مَن يعرف أن يُشجّع وأن يُعزّي لأنّه يعكس وجود يسوع القائم من بين الأموات”.