“قوّة الدعوة” – كلّ مؤمن يجدها وهي أيضًا فنّ عدم الخوف من “الحدود” وترويضها. هذا ما أتى في الكتاب – المقابلة التي أجراها البابا فرنسيس مع فرناندو برادو حول الحياة المكرّسة التي صدرت يوم الاثنين 3 كانون الأول 2018.
حمل الكتاب عنوان “قوّة الدعوة”. الحياة المكرّسة اليوم” مرفَق بعبارة دُوِّنت على الغلاف: “ما من مستقبل للحياة المكرّسة من دون الشغف ليسوع”.
يقدّم هذا الكتاب دليلاً للحياة المسيحية يضعه في خدمة شعب الله. إنّ ما يخبر به عن الدعوات والحياة المكرّسة يمكن أن يُلهم كلّ معمَّد وقد أتى في الوقت المناسب مع بداية زمن المجيء.
من يقول دعوة يقول أيضًا تنشئة. لا يعطي البابا فرنسيس “وصفات” بل هو يؤكّد بأنّ مرافقة الدعوات هي أمر أساسي ويعطي معاييرًا يفسّرها بالفقر والصلاة والصبر أو الدعائم الأربعة لتنشئة الإكليريكيين: حياة روحية، حياة الجماعة، حياة دراسية، حياة رسولية تتفاعل مع بعضها البعض بشكل تضع فيه الإنسان بحالة من التنشئة الدائمة”.
شدّد البابا على الحياة في الجماعة – العائلات تعرف ذلك جيدًا – لأنّ فيها تظهر الحدود: “نتعرّف إلى بعضنا البعض ويعرفوننا” ونتعلّم أن ندير حدودنا. هذا ما يمكن أن يكون مفيدًا في كلّ ظرف من الحياة وبالأخصّ في المرافقة والعائلة والعمل…
وفسّر البابا: “إن رأى المنشّىء أنّ أحدًا لا يعلم أن يدير حدوده فيجب أن يتنبّه إلى ذلك لأنّ هذا يشير أحيانًا إلى العصبية أو إلى نوع من قلّة النضوج فيجب أن يفهم كيف يتحكّم بها ويتخلّص منها”.
إنّما استنكر البابا وقال: “ولكن حبًا بالله، لا نسىء معاملة حدودنا أو حدود أحد بل لنتعلّم أن نديرها جيدًا ضمن الأبعاد الأربعة”. وحدّد: “أعني بذلك بأنه يجب ألا نخاف منها بل أن نرافقها إن كان الأمر ممكنًا ونعمل على تخطّيها”.
وأعطى البابا مثالاً: “أُغرم كاهن بفتاة ما وذهب ليبوح بذلك للأسقف. لم يكن يعلم ماذا يفعل حتى إنّه فكّر بأنه يجب أن يرحل ويترك كلّ شيء… كان يخاف كثيرًا من فكرة أن يقع بحبّ شخص وكان يبحث باستمرار عن هذه الفتاة وتفاقمت مشاكله. وفي الختام، تبيّن أنّ كلّ شيء كان هوسًا وربّما مراهقة عابرة إنما تملّكه الخوف وأوّل أمر قام به كان الذهاب إلى الأسقف ليخبره ما حصل معه. هذا أمر جيّد! لقد فعل الصواب! كم يفيد بأن نبحث عن الأبوّة! دائمًا ما نواجه الكثير من الأزمات والمشاكل إنما يجب ألا نخاف أبدًا”.
وأمّا عن سرّ المصالحة والاعتراف، فطلب البابا من الكهنة أن يحترموا حدود الناس وعدم الإساءة إليها: إن أتاك أحد ليعترف فدعه يعترف كما يحلو له، لا تنبش هنا وهناك بحسب ما تظنّ بأنه الصواب بل أسدِ النصائح التي تريد أن تعطيها والتي يستطيع أن يقبلها. بحسب مقياسه، نصيحة واحدة وسديدة إنما دع دائمًا البابا مفتوحًا حتى يستطيع أن يعود من جديد. ليقل: “هذا الكاهن جيّد، أريد أن أعود من جديد لأراه”.
ثمّ فسّر البابا بأنّ الحياة المكرّسة لا تقضي بأن أصنع شيئًا بل أن أكون في المسيح ومع المسيح: “حضور يسوع هو كلّ شيء. حياة مكرّسة من دون حضور يسوع في كلمته في الكتاب المقدس وإلهامه ليست صحيحة. من دون هذا الشغف بيسوع، لا مستقبل للحياة المكرّسة”.