في خضمّ التحضير للأعياد، كثيراً ما يبدو أن لا شيء قادر أن يهزم روح النزعة الإستهلاكية التي تجتاح الكبار وصولاً الى الأولاد… حسناً لا عيب في إظهار الفرح في “بعضٍ” من الدلال في المناسبات ولكن حين تطول لائحة متطلباتنا ويكون القليل منها هو فعلاً من إحتياجاتنا… علينا أن نتمهّل ونعيد حساباتنا! لا من باب الإدّخار بل من باب الإبصار!
في الحياة كثيراً ما تتلخبط الأولويات، ونظن أننا بإمتلاك الكثير من أمور المادة نقبض على السعادة. فنعلّم أولادنا أن يكونوا أغنياء وننسى أنه ليس الطريق ليكونوا سعداء…. يكبرون فيعرفون سعر الأشياء وغالباً ما يغيب عن إدراكهم قيمتها!! وليس العيب في المال ولا في إمتلاك الماديات، و لكنها وُجدت لنستعملها لا لتستعبدنا!! ما هو فعلاً مُدان هو تأليه تلك وإعتبارها عصب الحياة وسر سعادتها. وفي هذا المعنى لا يعد كل فقر ممدوح، وبغضّ النظر عمّا تحويه الجيوب فالمطلوب هو قلب غني بالله لا “مستغني” عن الله! وخوفنا هو الذي في الغالب من يضعنا في عبودية المال والسلطة والمظاهر ونخال أن بها الضمانة!! تقلّ فنضطرب، تزيد فنطمئنّ… فنسترضي رغبتنا بها كآلهة ونعلّم أولادنا عبادتها!!
احتفلنا بعيد القديس نيكولاوس في 6 كانون الأول، الذي حوّلته روح الإستهلاك الى “بابا نويل” القادم من المدخنة… أسقف ميرا لم يعد على الموضة وإستُبدلت معاني عاشها في العطاء بأخرى تتناسب مع الأسواق!
فلمن يسأل عن بهجة العيد المتوارية رغم بهرجة الزينة وعلبنا وهدايانا، ها هو أسقف ميرا في جعبته أثمن “هِداية” : جواب عن سر السعادة! اليوم وكما كل يوم منذ زمن بعيد، لكل منا يعيد: يسوع هو العيد!!