“لم يعد بإمكاننا تصوّر وجودنا في الشرق الأوسط فقط وببساطة كحقّ. فهذا يجعل منّا جزءاً هشّاً من الصراع ومن الحرب… هناك أسلوب مسيحيّ للوجود في الشرق الأوسط، وعلينا أن نساعد الرعاة والمؤمنين على إعادة اكتشافه وعيشه”: هذا ما أعلنه الكاردينال ليوناردو ساندري عميد مجمع الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ضمن مداخلة له خلال تقديم المجلّة (الورقيّة والرقميّة) “أوريانتي كاتوليكو” أو “الشرق الكاثوليكي” في 18 كانون الأوّل الحالي في مقرّ فرسان مالطا في روما، بحسب ما نقلته لنا الزميلة مارينا دروجينينا من القسم الفرنسي في زينيت.
مع نشر عدد جديد للمجلّة في آذار الماضي لمناسبة الاحتفالات بمئويّة تأسيس الدائرة المختصّة بالكنائس الشرقيّة (1917 – 2017)، أراد العميد أن يُعطي “ملخّصاً” عن “تعقيد الحياة والعلاقات بين أبناء وبنات الكنائس الكاثوليكية الشرقيّة” قائلاً: “إنّ البقاء على أراضي كنائسنا التي تمزّقها جميع أشكال العنف والصراعات سيكون بالنسبة إلينا رسالة وخياراً، مثل خيار المسيح الحرّ والمحبّ، والذي أتى ليسكن بيننا وليُعطينا حياته… ليس علينا الانطلاق من وضع كنائسنا ومجتمعاتنا الذي قد يُقلق أحياناً، بل من الرسالة المترتّبة على الكنيسة في هذا الإطار الصعب. والأسلوب المسيحيّ للتواجد في الشرق الأوسط هو الطريقة الملموسة لعيش ما وضعه البابا فرنسيس كأساس لحبريّته: “فرح الإنجيل”.”
كما واقتبس ساندري في هذا السياق كلمات بطريرك أنطاكيا للروم الأرثوذكس أغناطيوس الرابع هزيم الذي أكّد أنّ “مهمّة جميع الكنائس تقضي بأن تكون ضميراً حيّاً ونبويّاً حيال مأساة هذا الزمن”.
واقع الكنائس الشرقيّة
تكلّم ساندري في مداخلته أيضاً عن “واقع المسيحيّين”، متوقّفاً عند الواقع في العراق وسوريا، وعند الوضع في مصر حيث حصلت تغييرات كثيرة مؤخّراً. كما ووصف الكاردينال ساندري الوضع في إريتريا وإثيوبيا، وتطرّق أيضاً إلى وضع القدس مقرّ حراسة الأرض المقدّسة، كما إلى الوضع القائم بين إسرائيل وفلسطين والأردن وقبرص.
أمّا بالنسبة إلى الوضع في لبنان، فقد أشار الكاردينال إلى أنّ “وجود الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة هو دعوة للتناغم بين المواقع المختلفة، بهدف المحافظة على هويّة البلاد… كما وتكلّم أيضاً عن اللقاء بين الأديان الذي حصل في باري بتاريخ 7 تموز الماضي، مشيراً إلى أنّه كان مناسبة للتأمّل بالآخرين وبكنيستنا في الشرق الأوسط برمّته.
أمّا عن المجلّة بحدّ ذاتها، فيمكن القول إنّها “مفتاح لآفاق عالميّة الأبعاد”. فالتقدير الذي صدر بعد نشرها من الأب الأقدس ومن البابا بندكتس السادس عشر كما من البطريرك المسكوني برتلماوس، بالإضافة إلى العديد من ممثّلي الكنائس الكاثوليكيّة وغير الكاثوليكيّة الشرقيّة، إنّما هو مدعاة فخر ومسؤوليّة لمتابعة الطريق الذي يجب أن يظهر عبر تحديث المجلّة باستمرار قبل صيف 2019، وتوزيعها في بداية الخريف المقبل.