Nativity scene - Gerard van Honthorst (1592 - 1656)

Nativity scene © Pixabay - geralt

كيف نفهم سرّ التجسد؟

سيظل يصدح بالبشرى السارة التي سلكت الى البشرية، في ليلة الميلاد تلك، أعجب المناهج

Share this Entry

هناك قصة معبّرة عن طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات استيقظت في ليلة من ليالي الشتاء خائفة و مقتنعة بأن هناك أشباح ووحوش في غرفتها. مرعوبة أسرعت إلى غرفة نوم والديها. و بعد تخفيف مخاوفها، أعادتها الأم الى غرفتها و أكدت لها أن مكان نومها هذا آمن تماماً : “لا تخافي صغيرتي . بعد أن أغادر ، لن تكوني وحدك في الغرفة. فالله سيكون هنا أيضاً”. و لكن الصغيرة إحتجت بكل براءة : “أنا أعلم، يا أمي، أن الله سيكون هنا لكنني بحاجة إلى شخص في هذه الغرفة لديه بعض الجلد”.
التجسد.
في هجعات ليلنا البارد حيث الكثير من ” الوحوش” و الكثير من القلق و الخوف من المجهول في حقول الحياة و مفارقها… تتردد بشارة غير كل البشارات: “لا تخافوا” فالحب العجيب الأزلي إقتحم الزمن في ولادة لا تشبه الولادات.. ” أخذ جلداً ” خالق المخلوقات!! عجيب حبه، هو الأكبر من الكل إختار أن يأتي أصغر من كل التوقعات!! في التجسد ، إنحنى الله و لبسنا ليخلع عنا خوفنا و موتنا و يتمنا… في يسوع ، حقيقة الله غير المنظورة ، الروحية وغير المرئية ، التي هي أرفع من كل بعد مادي ، أصبحت أمراً ” ملموساً “.
التجسد.
هذا السر العظيم كثيراً ما يساء فهمه، حتى من قبل المؤمنين. يوضح الأب رولهايزر هذه النقطة و يقول أن ما نميل إلى عدم فهمه هو طبيعة التجسد المستمرة. و يقول أننا بشكل عام ، نفهم التجسد تجربة الثلاثين سنة حين أخذ يسوع الجسد الى أن صعد… و لكن صعود يسوع لا ينهي التجسد. فوجود الله “المادي” يستمر على الأرض و هذه ليست مبالغة ولا استعارة. يستخدم الكتاب المقدس تعبير ” جسد المسيح” ، ليدل على ثلاثة أمور : يسوع ، الشخص التاريخي الذي سار على الأرض لمدة ثلاث وثلاثين سنة. القربان المقدس ؛ و الكنيسة ، التي “هي استمرارًا لعمل المسيح رأسها… إذ هي: المسيح معنا “.
التجسد:
إذن لا يزوّدنا بسلم يمكّننا من الهروب من تحديات الحياة و لا حتى من آلامها أو خيباتها … بل يعدنا، هنا على الأرض، بأمر آخر، بأمر أعظم : يعدنا ب ” العمانوئيل” = الله معنا و يعطينا ما يلزم لنختبر خلاصه و نكون علامة له و نور في قلب عالمنا الذي يتخبط مع وحوشه في الظلمات! ” الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً” ((يو 14: 12)) كما في وعده لتلاميذه، يعود و يؤكد الأب رولهايزر، أن الرب لا يتركنا بل هو هنا يعطينا القوة لنحمل سر تجسده. وهو لا يخلط بين شخصيته كابن الله الوحيد وشخصياتنا كأبناء بالتبني وتلاميذ له، إنما يعدنا بحقيقة رائعة أنه فاعل بيننا و أن كل خلاص إنما هو باسمه، وبالإيمان به… رائع هو ربنا : يعمل فينا، ولكن ليس بدوننا!
فطوبى لمن إنفتح على سر هذا الخلق الجديد و أرتضى أن يصيّر قلبه بيت لحم جديدة …. فهو وعندما يخفت وهج أضواء الخارج وصوت الأغاني و المباهج… سيظل يصدح بالبشرى السارة التي سلكت الى البشرية، في ليلة الميلاد تلك، أعجب المناهج.

Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير