كنتُ في الرابعة عشر أو الخامسة عشر عندما قرأتُ قصةً قصيرة أعتقد أنها كانت للأديبة الكبيرة أميلي نصر الله نسيت عنوانها و تفاصيلها الصغيرة. تروي القصة أنها تمنت أمنية وكتبتها على ورقة صغيرة ووضعتها في مغارة الميلاد وكان أن استجاب الطفل الإلهي لطلبتها وتم لها ما طلبته.
في تلك الأيام كنت في سن المراهقة وكانت بداية الحرب في لبنان. كنّا نعيش ظروفًا أمنية صعبة جدًا. حتى أن مدرستنا المخصّصة للبنات اضطرت أن تستقبل تلاميذ صبيان آتين من مناطق في العاصمة واقعة على خطوط التماس. فكان أمراً جديدًا بالنسبة لنا نحن الفتيات أن نجلس على المقاعد الدراسية بقرب فتية صبيان. بدأنا نختبر مغامرات متميزة لم نختبرها من قبل.
على أثر ذلك زاد اهتمام الفتيات بشكلهنّ الخارجي. تغيرت نبرات أصواتهنّ. اعتنين أكثر بشعرهنّ. وبعضهن تجرأ ووضع بعض مساحيق التجميل. أصبح لكلّ فتاة رفيق من الفتية… إلاّ أنا.
كنتُ من النوع الخجول جدّا الذي لا يلفت الأنظار. حزنتُ جدًا لأنني بقيت وحيدة. لكنني عندما قرأت قصة المغارة عاد إلي الأمل وقلت في نفسي: سأكتبُ أمنيتي القلبية على ورقة بيضاء وأضعها في المغارة تحت المزود مباشرة، حتى يقرؤها الطفل يسوع شخصياً !
كتبتُ بحسب ما أتذكر : “يا يسوعي الحبيب. أنا لست جميلة ولا ألفت أنظار الصبيان. إجعلني جميلة في عينيهم. أرجوك استجب طلبتي. شكرًا”.
تسلّلت في الخفية ليلاً ووضعت ورقتي المطوية تحت المزود وكنت على ثقة كاملة أنّ الطفل يسوع سيستجيب طلبتي.
مرّ عيد الميلاد المجيد وأتى الربيع.
أتذكّر أننا كنا في شهر نيسان أو شهر أيار، تقريبًا في نهاية السنة الدراسية عندما بدأتْ تحصل أمورٌ غريبة.
أصبح الجميع يمدحونني. قالت لي صديقتي: ماذا يحصل لكِ؟ لقد تغيّرت كثيراً. أنتِ جميلة !
لم أعد أجرؤ أن أمشي وحدي في الطريق. صرت محط أنظار الجميع!
أحسست أنني أصبحت فتاة جذابة وجميلة في عيونهم.
بالفعل لقد استجاب الطفل الالهي لطلبتي أنا المراهقة الصغيرة.
اليوم بعد مضي حوالي الثلاثين سنة ما زلت كلّ سنة في عيد الميلاد، أضع ورقة في المغارة أكتب عليها بضع كلمات.
لكن مع مرور الزمن تغيرت أمنياتي.
أصبحتُ أطلب طلبات مختلفة:
أن تخلص كلّ النفوس ولا يهلك أحد …
أن أصبح جميلة في عيني إلهي أنا السوداء بالخطيئة…
أن يضرم قلبي بحبه الالهي حتى أحيا بحياته و “موتًا لا أموت” !
لأنّ هذا الطفل المقمط المضجع في المزود قد أصبح كلّ مشتهى قلبي وكلّ … أمنياتي !
ولد المسيح ! هللويا !