تعتبر تقنيات حركة القدرات البشرية من ضمن البدائل النفسية التي أنتجتها مراكز تابعة للعصر الجديد مثل مركز إيسالنEsalen في كاليفورنيا الذي حاول أن يدمج البوذية والهندوسية بعلم النفس.
هذه التقنيات لا يعترف بها علم النفس الكلاسيكي، لأنها غير مُثبتة علميًا وهي مستوحاة من الفلسفات الشرقية الآسيوية وتخلط ما هو نفسي بما هو روحي. هي بمجملها من ضمن ما يُعرف بعلم النفس المتجاوز أو علم النفس عبر الشخصيpsychologie transpersonnelle المستوحى من المذاهب النفسية التي أعدّها معهد “إيسالن” بين عامي 1960 و1970 وبتأثير من علم نفس كارل غوستاف يونغ، بهدف دراسة تخصّصات عديدة غير تقليدية، عادة ما تهملها الأكاديميات الكلاسيكية.
يدير هذا المركز أكثر من خمس مئة ورشة عمل سنوياً، مثل تنظيم محاضرات، برامج نظرية وتطبيقية، وأبحاث في علم النفس والحياة الجنسية والروحانيات، بهدف ما سمّاه ألدوس هاكسلي Aldous Haxley(1894-1963) , Le potentiel humain تفعيل الإمكانيات البشرية.
يقول “مايكل مورفي”Michael Murphy إنّ معهد إيسالن موجود كي يشجّع على النموّ المتجانس والمتكامل للإنسان. إنّه مؤسّسة تعليمية للبحث عن القوى الكامنة البشرية بمواجهة الأديان والعلوم والعقائد. إنّه مزيج إنتقائي يسهّل التحوّل الشخصي والإجتماعي، من خلال تنظيم محاضرات وندوات وبرامج أبحاث بالتعاون مع فنّانين وعلماء ومدرّسين وقادة روحيين. هذه الطرق النفسية يعتمد أكثرها على الإعتقاد بالطاقة الكونية، والأجسام الباطنية والخفائية وما يسمّى بالإدراك الذي يتخطّى الحواس، الحلولية ووحدة الوجود، وعلوم زائفة لم تثبت صحتها وهي غير مقبولة في الوسط العلمي الكاديمي.
وقد تأثّرت ، ويا للأسف، بعض الكنائس الإنجيلية في الغرب بهذا النمط الزائف للعلوم، خصوصاً في الولايات المتحدة الأميريكية وكندا، فأصبح قساوستها يتكلّمون عن دورٍ للعلوم الفيزيائية الحديثة في كشف أسرار الله بواسطة الصوت والنور والطاقة والذبذبات ويطلقون عليها اسم علوم الإيمان. نذكر من بين هؤلاء : بيل جونسونBill Jhonson، قسيس كنيسة بيتيلBethel التي تشهد ظواهر شيطانية وأعراض ما يسمّى ب “وعي الكانداليني”Kundalini Awakening وهي العوارض المرَضية نفسها لدى ممارسي اليوغا والتأمّل الشرقي الآسيوي، وزوجته بيني جونسونBeni Jhonson، بوب جونزBob Jhones، جوناتان ويلتونJonathan Welton، راي هيوغزRay Hughes، دان ماك كولامDan Mccollam، كال بيرسCal Pierce، لاري راندولفLarry Randolph، دافيد فان كوفيرنغDavid VanKoevering . وقد جمع الكاتبان من كنيسة بيتال، جودي فرانكلين وإلين دايفيس تعاليم هؤلاء في كتاب بعنوان “فيزيائيات الجنّة”The Physics of Heaven[1] وهو يروّج لفكر العصر الجديد ولروحانيته المشبوهة. يستعملون، ويا للأسف، مصطلحات غريبة عن التقليد الرسولي مثلاً يتكلّمون عن “موجات وذبذبات الله”، “علاج دولفين”، “صوفية الكم”(نسبة إلى فيزياء الكم) ، تموّجات الجسم البشري، وغيرها من التعابير المضلّلة.
من أهمّ الطرق النفسية البديلة التي يروّج لها باسم التنمية البشرية: التفكير الإيجابيPositive Thinking، الإيحاء الذاتيself suggestion، التدريب الذاتي self training، إعادة الولادةRebirth ، العلاج بالتخيّلVisualisation، التخيّل الخلاّقV.Creative، السفر الأثيريVoyage Astral، الوسطاء المتخاطرونChanneling، التنويم الذاتيself Hypnosis ، أسلوب سيلفاSilva mind Control، الرسم البياني ذو التسع نقاطEnneagramme، العلاج بخط الزمن أو بالأجيال السابقةPast lives Therapy، المعالجة بالأحلامDream Therapy، جستالتGestalt ، المعالجة الإستردادية الحيويةBiofeedback، قانون الجذبLaw of Attraction، شيفرة الكون أو الأكاشاAkasha Records، سوفرولوجيSophrology … كلّ هذه التقنيات تشير إليها وثيقة الرب “يسوع المسيح الحامل الماء الحيّ”، الصادرة عن حاضرة الفاتيكان والتي تقول إنها لا تتوافق مع الإيمان المسيحي.
نشير إلى أنّ الآراء التي سنستشهد بها حول التنمية البشرية وتقنياتها المتنوّعة، هي نتيجة لأبحاث قامت بها عدّة مراجع كاثوليكية متخصّصة مثل:
– مجلس الأساقفة الكاثوليك في فرنساConférence des évêques de France (CEF)
– مجلس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة الأميركية
– “راعوية المعتقدات الجديدة والإنحرافات البدعوية” التابعة لمجلس الأساقفة الكاثوليك في فرنسا Pastorale des nouvelles croyances et Dérives sectaires(PNCDS)
– الأب دومينيك أوزينيه P.Dominique Auzenet[2] والشماس برتران شوديه[3]Bertrand Chaudet
– الأب اليسوعي ميتش باكواMitch Pacwa[4]
– الأخت ماري أنسيلا من الرهبنة الدومينيكان لورد
(moniale dominicaine à Lourdes) Sr Marie Ancilla
-الأب جوزف ماري فرلندPere Joseph – Marie Verlinde
– فريق الروحي وعلم النفس Comité spirituel et psychologie[5]
– إرشادات رسولية، رسائل ومواعظ لعدّة باباوات مثل قداسة البابا يوحنا بولس الثاني وقداسة البابا بندكتوس 16 وقداسة البابا فرنسيس. بالإضافة إلى مراجع كنسية أخرى.
هذه الآراء يمكن أن تكون مسوّدة أوّلية فاعلة وجديّة للبحث، من أجل إيجاد أدوات للتمييز تساعد الإكليريكيين والكهنة في مسؤولياتهم الراعوية وفي مجالات التنشئة اللاهوتية والإرشاد الروحي.
يتبع
[1] http://heavensphysics.com/chapter16/
[2]الاب دومينيك أوزينيه كاهن ومقسم في أبرشية مانس ومسؤول في راعوية المعتقدات الجديدة والانحرافات البدعوية مع الشماس برتران شوديه ومتخصص في انحرافات بدعة العصر الجديد. له موقع على الانترنت http://charismata.free.fr/
[3] برتران شوديه هو شماس ومعالج kinesitherapeuteوعضو في مركز مكافحة الاستغلال العقلي
CCMM(centre contre les manipulations mentales) وخبير بانتهاكات بدعة العصر الجديد.
[4] Fr Mitch Pacwa, Catholics and The New Age, Paperback, 1992
[5] http://www.ccmm.asso.fr/spip.php?article4041&var_recherche=cou