“أيّ رجل يجب أن يكون عليه السفير البابويّ، أي ممثّل البابا في العالم؟” هذا هو السؤال الذي طرحه البابا فرنسيس على الممثّلين البابويّين في العالم المجتمعين في روما منذ 12 حزيران، ضمن كلمة ألقاها على مسامعهم لدى استقبالهم.
بناء على ما نقلته لنا الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسيّ في زينيت، أعطى البابا ممثّليه وصايا، لا سيّما الابتعاد عمّا هو “صحيح سياسيّاً” وعن المجموعات المُعادية للبابا، بالإضافة إلى رفض الهبات الثمينة المُقيّدة، مُراجعاً صورته، وناصِحاً إيّاهم بأن يكونوا قريبين من الجميع.
أمّا عن “مهمّـهم الدقيقة والمهمّة”، فقد تكلّم الأب الأقدس عن 10 نقاط، داعياً سامعيه لأن يكونوا رجال الله والكنيسة والحماسة الرسوليّة والمصالحة والمبادرة والطاعة والصلاة والمحبّة الفعّالة والتواضع، ورجال البابا.
وذكّر الحبر الأعظم بأنّ “السفير هو رجل الله، وهو مدعوّ لاتّباع الله في كلّ شيء ولأجل كلّ شيء، كما وأنّه مدعوّ ليُطيع وصاياه بفرح، وليعيش لله وليس للعالم، مُكرِّساً لله جميع موارده، ومُـتقبِّلاً المعاناة التي تحلّ به، رافِضاً النميمة وقذارة العالم والقِيم الدنيويّة”.
في الوصيّة الثانية، أشار البابا إلى “رجل الكنيسة” قائلاً: “إنّ السفير البابويّ لا يُمثّل ذاته. فإن أساء معاملة معاونيه، وإن بحث عن الثياب والأغراض الفخمة، أصبح ضدّ الشهادة التي يجب أن يُقدّمها، إذ إنّه يعرف أنّ أكبر شرف هو أن يكون خادماً للجميع. وعلى عكس السفراء الآخرين، إنّه يُلازم شعب الله في البلد الذي يخدم فيه، خاصّة خلال الأعياد: هذه عائلته. ويتعلّق الأمر أيضاً بالدفاع عن الكنيسة بشجاعة بوجه قوى الشرّ، وصولاً إلى وضع قناعاته الشخصيّة جانباً لأجل تمثيل موقع الكنيسة”.
ثالثاً: “إنّ السفير البابويّ هو رجل حماسة رسوليّة، أي أنّه يُعلن عن البُشرى السارّة. ومَن يلتقي السفير البابويّ، يجب أن يشعر بطريقة ما أنّه مُستَجوب”. هنا، حذّر البابا من الخجل ومِن فتور الحسابات الدبلوماسيّة أو السياسيّة، ومِن سرطان التحرّر من الوهم.
في النقطة الرابعة، قال البابا إنّ السفير يجب أن يكون رجل مصالحة، وأن يعرف تفضيل الوساطة والشراكة والحوار. “عليه أن يبحث عن البقاء مُحايداً وموضوعيّاً، وأن يكون حَكَماً عادِلاً يحمي العدل والسلام”.
وأضاف البابا: “إنّ السفير البابويّ هو رجل البابا: إنّه يُمثّل خليفة بطرس، ويُسهّل ويُحقّق وجود البابا بين المؤمنين والشعوب”.
في هذا السياق، مُحيِّياً العادة السارية في بعض البلدان، والتي بحسبها تُدعى السفارة البابويّة “منزل البابا”، تمنّى الحبر الأعظم أن يبقى باب هذه السفارة مفتوحاً دائماً، وأن يتقبّل السفراء “حياة الرحّل على الطرقات لأجل لقاء الشعوب”. وأشار إلى أنّ السفير البابويّ يجب أن يكون يعرف فكر البابا، وأن يُعلِم الأخير دائماً بالوضع المحلّي.
أمّا أهمّ ما قاله في نقطة “رجل البابا” فكان تحذيره مِن أنّ “الممثّل البابويّ لا يتماشى مع واقع انتقاد البابا خلف ظهره، أو مع واقع الانتماء إلى مجموعات مُعادية للبابا وللكنيسة أو للكوريا الرومانيّة”.
فيما يختصّ بالنقطة السادسة، قال الأب الأقدس إنّ “السفير هو رجل مبادرة. وهذا يعني أنّه يتأقلم مع ضرورات اللحظة، بدون الوقوع في الصلابة العقليّة والروحيّة والإنسانيّة، ولا في المرونة الخبيثة أو الانتهازيّة. السفير البابويّ مليء بالديناميّة، وهو خلّاق ومُتمتّع بالشجاعة. كما وأنّه يعرف إيجاد الكلمات المناسبة لمساعدة الأشخاص الذين يُخاطبونه”.
“إنّ السفير البابويّ الذي لا يعيش فضيلة الطاعة – النقطة السابعة – هو أشبه بمُسافر بدون بوصلة. إلّا أنّ هذه الفضيلة لا يمكن فصلها عن الحرية، لأنّنا عبر الحرية فقط يمكن أن نُطيع حقّاً. وعبر الطاعة للإنجيل، ندخل في ملء الحرية”.
ثامناً، قال البابا: “كون كلّ واحد منكم رجل صلاة أمر ضروريّ. فبدون حياة الصلاة التي تُنير كامل عمل السفير، نُصبح مجرّد موظّفين، دائمي الانزعاج والتوتّر”.
الوصيّة التاسعة: “السفير البابويّ هو رجل محبّة فعّالة، وهو يُعبّر عن اهتمام البابا للبلد الذي يُمارس فيه مهمّـته. إذاً، عليه أن يبذل ذاته قرب الفقراء والمُهمّشين، لكن عليه أيضاً رفض الهدايا الباهظة الثمن وغير النافعة غالباً، أو منحها لأعمال خيريّة كي لا يُصبح “عبداً” لهذا”.
وحدّد البابا أنّ النقطة العاشرة في الوصايا تقضي بأن تُنقَل هذه الوصايا لمعاوني السفارات والأساقفة والكهنة والمكرّسين، وأن تنتهي دائماً بصلاة ليكون الجميع “رجال تواضع”.
أمّا هذه الصلاة، فهي صلاة الكاردينال رافاييل ميري ديل فال (1865 – 1930)، الذي كان أمين سرّ ومعاون القدّيس بيوس العاشر.
طلبة التواضع
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إستجب لي.
من الرغبة بأن أكون مقدَّراً، نجّني يا يسوع.
من الرغبة بأن أكون محبوباً، نجّني يا يسوع.
من الرغبة بأن أكون ممجّداً، نجّني يا يسوع.
من الرغبة بأن أكون مكرّماً، نجّني يا يسوع.
من الرغبة بأن أكون ممدوحاً، نجّني يا يسوع.
من الرغبة بأن أحصل على التفضيل، نجّني يا يسوع.
من الرغبة بأن أكون مُستشاراً، نجّني يا يسوع.
من الرغبة بأن أكون مقبولاً، نجّني يا يسوع.
من الخوف من الإذلال، نجّني يا يسوع.
من الخوف من الإحتقار، نجّني يا يسوع.
من الخوف من اختبار الشعور بالنبذ، نجّني يا يسوع.
من الخوف من أن أتعرّض لتشويه السُمعة، نجّني يا يسوع.
من الخوف من أن أكون منسيّاً، نجّني يا يسوع.
من الخوف من التعرّض للإفتراء أو للسخرية، نجّني يا يسوع.
من الخوف من الإصابة، نجّني يا يسوع.
من الخوف من التشكيك، نجّني يا يسوع.
أن يكون الآخرون محبوبين أكثر منّي، امنحني يا يسوع النعمة بأن أرغب في ذلك.
أن يكون الآخرون محترمين أكثر منّي، امنحني يا يسوع النعمة بأن أرغب في ذلك.
أن يزيد الآخرون في نظر العالم وأنقص أنا، امنحني يا يسوع النعمة بأن أرغب في ذلك.
أن يتمّ اختيار الآخرين وأُترَك أنا جانباً، امنحني يا يسوع النعمة بأن أرغب في ذلك.
أن يُمدَح الآخرون وأبقى أنا منسيّاً، امنحني يا يسوع النعمة بأن أرغب في ذلك.
أن يتمّ تفضيل الآخرين عليّ في كلّ شيء، امنحني يا يسوع النعمة بأن أرغب في ذلك.
أن يصبح الآخرون أكثر قداسة منّي أنا، شرط أن أصبح قدّيساً بقدر ما يمكن أن أكون، امنحني يا يسوع النعمة بأن أرغب في ذلك!