يُقال بإنه يمكنك فهم معظم الأخطاء في العالم وداخل نفسك من خلال النظر إلى صورة جماعية. فحين تُعرض لك الصورة من المؤكد أنك ستنظر أولاً في كيف تبدو – شخصياً – قبل النظر فيما إذا كانت صورة جيدة للمجموعة أم لا.
غالباً ما نقوم بتقييم جودة الأشياء من منظار الأنا الضيق …. ويحدث كثيراً أن نفقد الثقة في جمالية صورتنا كما يحدث كثيراً عندما نقوم بتضخيم هذه الأنا.
في الحالتين، نجرّح الفهم السليم للصورة. في الأولى نحزن ولا نعود نميّز الجمال الفردي فما بالنا بالجمال الجماعي؟! و في الحالة الثانية التي يطلق عليها علماء النفس تسمية : “النرجسية”، ننشغل أي إنشغال مفرط بالذات مما يجعلنا نركز – حصراً – على أنفسنا ونفقد النظرة الى جمالية ” الصورة الجماعية “.
وهب الله كل إنسان جمالاً فريدًا ومنحه أن يكون حرًا وخلاقًا و خلوقًا، في صورةٍ ولا أجمل (تك 1: 26) جعل فيه عقلًا وإرادة وحرية وإبداعًا وقدرة على الحب! و من المهم أن يعي الإنسان أهمية صورة الله فيه… و لكن!!
يبقى الإنسان هو المخلوق وليس من الطبيعي أن يضخم ذاته ويجعلها محور الكون.
لذلك النهج السليم لا يكون في قتل الأنا بل تهذيب الأنا، تلك التي تعي قيمتها وتهتم بالتحديد بقيمة الصورة الجماعية. لكن الوصول إلى هذا النضج هو كفاح:
جهاد ضد التفخيم (ممتلئين من أنفسنا وغير مدركين لله) وجهاد ضد الاكتئاب (فارغين من قيمتنا الخاصة وأيضاً غير مدركين لله).
وما هو المعيار الذي يطلق صفارة الإنذار حين نجنح في تصغير أو إكبار؟
يفيدنا القديس أنطونيوس البادوفي، معلم الكنيسة، بمقولة حكيمة… منها نستطيع أن نستخلص الجواب. يقول ما معناه أنّ قيمتنا الحقيقية هي في نظرة الله لنا – لا أكثر ولا أقل!!
و كيف ينظر الله لنا؟
إنه لا ينظر فقط من الخارج ولا يراقب التصرفات كشرطي أعظم بل يرى ما هو كامن في القلب،( “فهو فاحص القلوب والكلى”) “امامه تنجلى كل الشوائب”. و الأهم أنه يعاين ويعين:
في نظرته حقيقة تكسر الخطيئة ورحمة تلد الخاطئ.
لذلك، في عين الله، لا مجال للإستكبار ولا خطر إندثار….
مع ذكرى القديس أنطونيوس الذي عيّدت له الكنيسة في 13 حزيران، نصلّي لكي نقترب من الرب لنميّز نظرته لنا …
و في “عينيه” هلّموا نرى كم بقي من صورته فينا…
هلّموا نقترب … ففي عينيه سنرى ذاتنا الأجمل وسنعي أهمية الآخر في “الصورة الجماعية” الأكمل.