تروي الكاتبة بيترسون في مقال تمدح فيه (الجلد = Skin) كيف أنها في مرحلة ما من حياتها كانت مصابة بطفح جلدي مؤلم. في كل محاولات العلاج لم يستطع دواء أن يحسم الأمر، فكان الطفح يعود دائماً ليزيد من معاناتها.
ذات يوم ، قامت جدتها بتقييم خاص وأعلنت تشخيصًا بدا غريباً:
“يحتاج الجلد أن يُلمس!”
ثم بدأت جدتها في تدليكٍ منتظم للبشرة، و إستطاعت ما لم تستطع الأدوية الأكثر تطوراً القيام به: وحصل الشفاء.
يعلّق الأب رولهايزر على المقال و يؤكد:
“جدة بيترسون على حق: يجب أن يتم لمس الجلد!”
و الله يعلم ذلك أفضل من أي شخص آخر. لهذا السبب أعطانا يسوع القربان المقدس. القربان المقدس يمس الجلد. الافخارستيا ليست مجرد تعليمات لاهوتية، أو عقيدة، أو مبدأ فلسفي، أو حتى مجرد كلمة حميمة. إنه جسد: يُلمس وفي تناوله إتحاد واحتضان و قبلة… أمر مادي قد يكون مثير للصدمة، إلا إنه وجود حقيقي أعمق مما تخيلته حتى الماورائيات القديمة.
نحن نميل إلى الخجل من هذا النوع من الكلام. جزئياً هذا مفهوم: ليس سهلاً أن نقارب (لاهوت جسد). غير أنّ المسيحية – بالتحديد- لا تقارب الجسد على إنه مصدر الشرور ولا تطالب بنكرانه بل مع مقاربة الرب المتجسد تدعونا أن نحوّل هذا الجسد الى هيكل لروح الله، ميدان خيرٍ ورحمة. والإفخارستيا في حضور “مادي” للمسيح المتجسد لا تدعونا الى خارج الجسد بل الى تقديسه في إتحاد كامل مع ” الجسد الإلهي”.
فقال كثيرون من تلاميذه، إذ سمعوا: «إنّ هذا الكلام صعب! من يقدر أن يسمعه؟»
(يو 6: 60)
وما زال من الصعب علينا أن نقبله حتى اليوم. لكن هذا شأن الله: سبله تختلف عن سبلنا (أش 55: 9) و فيها الحكمة التي تسمو عن حكمتنا. و لكن أيضاً في طيّات هذا الكلام خاصية رائعة للمسيحية.
ففي القربان المقدس، يلمسنا الرب و يتحد بنا.
من دون هذه “اللمسة”، يبقى الله بعيدًا… فكرة، مونولوج، فلسفة.
فهلّموا اليوم، لنتوقف ونسمح له أن يلمسنا، لمسة بصمتها بحر كلامٍ ومعانٍ…
الإفخارستيا تؤكد لنا أسرار الحب والموت والحياة…
” يُشفي الجلد عند لمسه” وها لمسة يسوع في القربان: سر رحمة وإنعام!