اليوم نتطلّع إلى قلب الرب بشكل خاص، ونحتفل بعبادة حبّه اللامتناهي لكلّ منا.
لكن عبر العصور بقي سؤال قديم متنازَع على أجوبته:
هل في قلب الرب من هم “مفضّلون”؟؟ هل يحبّ الله الفقراء أكثر من الأغنياء؟
أيُفضّل الأبرار على الخطأة أم العكس؟ وهل يُعلي البتولين أكثر من المتزوّجين؟
كالعادة حين لا نسبر عمق بعض الآيات من الكتاب المقدس، تعطينا القراءة تفكيراً مسطّحاً…
و بهذا قد نستنتج أنّ الله يحبّ بعض الناس أكثر من غيرهم. لكن هل هذه قراءة سليمة؟؟؟
المتبحّرون في عالم كلمة الله لا يجيبون عن هذا السؤال. يقولون لأنه جزئيًا سؤال خاطئ من الأساس. بشكل عام، كلّما أصغنا السؤال بطريقة (هل يحب الله هذا الشخص أكثر من ذلك الشخص؟) نحن بصدد تنسيق المشكلة بطريقة خاطئة: يُعطي الأب رولهيزر مثالاً، ويقول: عندما يخبرنا يسوع عن الفرح الذي في السماء بتوبة خاطئ على أنه أعظم من الفرح بالتسعة وتسعين الآخرين ممّن لا يبدو أنهم بحاجة إلى التوبة، فهو لا يؤكّد أنّ الله يحبّ الخطأة أكثر من الصالحين. في هذا السياق المحدّد، أمام يسوع، لا يوجد أشخاص بارّون.
هو كان يتحدث عن مجموعتين: الخطأة (الأشخاص الذين يشعرون بحاجتهم إلى التوبة) و”المستقيمين” (الأشخاص الذين هم خطأة ولم يعترفوا بعد بحاجتهم إلى التوبة). إنّها الحقيقة: لا يوجد أشخاص بارّون، فقط خطأة، والرحلة المسيحية هي دائمًا رحلة تحوّل، عودة إلى البيت. ننفتح لتلقّي حبّ الله ورحمته كما دعا كلّ منا…
نعم، يفضّل الله الخطأة، لكن هذا يشملنا جميعًا!!!
والشيء نفسه ينطبق على محبّة الله التفضيليّة للفقراء على حساب الأغنياء.
الموضوع ليس له علاقة بالمال أو الثروات، إنّما في القلب. وليس العيب في المال ولا في إمتلاك الماديات، لأنها وُجدت لنستعملها! ما هو فعلاً مُدان هو تأليه تلك واعتبارها عصب الحياة و سرّ سعادتها. وفي هذا المعنى، لا يعد كلّ فقر ممدوحاً! و بغضّ النظر عمّا تحويه الجيوب، ولأنّ مصدر الحياة وسرّ سعادتها هو الله، فالذي يعي أهمية أن يكون فقيراً لله هو من هو بالبركة مصحوب…. على ما تقول الأفيلية: “من له الله له كل شيء”.
إذاً بالنسبة إلى الرب، هناك نوعان من الأشخاص: أولئك الفقراء والأشخاص الذين لم يتواصلوا مع فقرهم بعد. أمّا عندما نكون فقراء لله ومدركين لحاجتنا إليه، غير مكتفين بأنفسنا وما “نملك”، فإننا نستقبل حبّه بسهولة أكبر، وننفتح على سعة لحبّ الآخر.
الله يخدم الفقراء… نعم! و لكن كلّنا فقراء، وطوبى لنا إذا أدركنا ذلك!
المبدأ نفسه ينطبق على مسألة البتولية.
تؤكّد الأناجيل أنّ يسوع وُلد من رحم عذراء، وأننا مدعوّون لأن يكون لدينا قلب عذريّ.
المتزوّجون الذين قدّس الله سريرهم الزوجيّ ليسوا أقلّ حظوة لديه ممّن هم غير متزوّجين.
الموضوع له علاقة بالقلب. فهل أدخلنا إليه آلهة أخرى كالسلطة والمال والشهوة المنحرفة… ؟؟؟ هل سقط قلبنا بالزنا وخُنّا عهدنا مع الله بأن يكون إلهنا و”لا يكن لنا آلهة سواه” (تثنية 6:5-9)!؟ حين نحفظ قلبنا له، نصبح كتلك العذارى الحكيمات، جاهزين كي لا نفوّت العرس، بل بزيت الأمانة ندخل فرحه.
إذاً هل من “مُفضّلين” في قلب الله؟
نعم، ولكن ليس بالمقارنة بين بعضنا البعض، إنّما بين حالات مختلفة داخل أرواحنا.