عمليّة السلام والشباب ورُهاب الأجانب والعائلة والثقافة والفرح والحوار بين الأديان والانتقادات… كلّها مواضيع تطرّق إليها الأب الأقدس خلال المؤتمر الصحفيّ الذي عقده على متن طائرة العودة من أنتاناناريفو إلى روما البارحة في 10 أيلول، بناء على ما نقلته لنا آن كوريان من القسم الفرنسيّ في زينيت.
مع نهاية رحلته الرسوليّة إلى أفريقيا، تمنّى البابا لموزمبيق أن تتتابع فيه عمليّة السلام، داعياً الجميع إلى بذل الجهود “لأنّ كلّ شيء يضيع مع الحرب، وكلّ شيء يُكتَسَب مع السلام”. كما وحذّر البابا قائلاً: “لا يحقّ لنا أن نعلن انتصارنا، لأنّ السلام ما زال هشّاً، ويجب معاملته بالكثير من الحنان والرقّة والمسامحة والصبر”.
مُتطرّقاً إلى حداثة القارّة الأفريقيّة، قارن البابا ذلك بتقدّم أوروبا بالسنّ، مع الانخفاض في عدد الولادات، “لأنّ الطفل أصبح خطراً”. وأضاف: “على العكس، إنّ أفريقيا مليئة بالحياة، والطفل هو الكنز، كنز الوطن والبلد”.
من ناحية أخرى، ومُجيباً عن سؤال حول رهاب الأجانب، قال البابا إنّه “مرض بشريّ يرفع الجدران”، مُحذِّراً أنّه ضمن أفريقيا، “القبليّة هي رُهاب محلّي من الأجانب”.
كما وشجب البابا عدم استثمار أفريقيا، قائلاً إنّ النقطة الحاسمة في هذا الاستثمار هي البيئة. وحيّى التزام الشباب في هذا النضال مُضيفاً: “يجب الدفاع عن البيئة والتنوّع البيولوجيّ الذي هو حياتنا، والدفاع عن الأكسجين الذي هو أيضاً حياتنا”.
الفرح والثقافة والحوار بين الأديان
مرّة أخرى أمام الصحافة، شجب البابا فرنسيس “الاستعمار الإيديولوجي الذي يودّ أن يدخل إلى ثقافة الشعوب ويُغيّرها ويجعل الإنسانيّة متجانسة”، مُصِرّاً على وجوب احترام هويّة الشعوب.
كما وأكّد الأب الأقدس أنّ “القدرة على الوحدة الدينيّة في موريشيوس” أثّرت فيه: “لا أحد يُلغي الفرق بين الأديان، لكنّ الجميع يقولون إنّهم إخوة وإنّه عليهم أن يتحاوروا. هذه إشارة على النُضج”.
أمّا في مدغشقر، فقد تذكّر البابا الشعب الذي كان يرقص تحت المطر، وتذكّر فرحه خلال القدّاس الذي احتفل به في أنتاناناريفو: “كان الشعب فرِحاً، وكان يودّ ملازمة البابا. شعرت بالصِغَر الفائق أمام عظمة هذا الشعب”.
وبالنسبة إلى مدغشقر أيضاً، دعا البابا إلى إرساء قوانين تحمي العائلة، مُشيراً إلى مسؤوليّة الدولة.
البابا والانتقادات
وأخيراً ، تطرّق البابا إلى “الانتقادات” التي طالته: “إنّ الانتقادات تُساعد دائماً… إنّها تُغضبُنا أحياناً، لكن هناك محاسن لها… على الأقلّ، إنّ مَن يتفوّهون بها يتمتّعون بالصدق. لا أحبّ الانتقادات التي تُوجَّه لي خلف ظهري، وتصدر عمّن يبتسمون لي ثمّ يطعنونني بالظهر”.
وأكّد الحبر الأعظم أنّ “الانتقاد هو عنصر بنّاء. وإن لم يكن الانتقاد صحيحاً، يجب أن نتحاور للوصول إلى النقطة الصحيحة. إنّ مَن ينتقد بدون أن يرغب في الإصغاء إلى الجواب والتحاور لا يحبّ الكنيسة، بل يودّ فقط أن يتبع فكرة ثابتة أو أن يغيّر البابا أو أن يُحدث الشِقاق. في الكنيسة، هناك الكثير من الشقاق… وأصلّي كي لا يعود ذلك موجوداً، لكنّني لستُ خائفاً”.
تجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أنّه من بين المواضيع الأخرى التي تطرّق إليها الأب الأقدس خلال المؤتمر الصحفيّ: رحلاته المقبلة (بحيث قال البابا إنّه قد يذهب إلى إسبانيا “إن أعطاه الله عمراً”، إلّا أنّه يودّ أن يزور بداية البلدان الصغيرة في أوروبا)، والتواصل الذي يجب أن يبقى مُخلصاً للوقائع، بحيث لا تصبح الموضوعيّة “أداة للحرب بخدمة المشاريع غير الإنسانيّة”.