السلام من دون البيئة؟!
أوَليس الإنسان هو المسؤول الأساس عن أغلب ما يحدث على الكرة الأرضية؟!
تحقّق ولا شك برامج التنمية المستدامة وسياساتها أهدافاً ونتائج، يستفيد منها المجتمع العالمي بأسره، في حال عرف الإنسان كيف يفعّل عملية التنمية المستدامة في نمط متطلّبات حياته اليوميّة.
هل معظم أفراد هذا العصر مهتمّ بالتنمية المستدامة؟ أم أنّهم في الأغلب يبحثون فقط عن مصالحهم الخاصة والضيّقة، التي تصبّ معظم الأحيان في تدهور البيئة وتؤثر مباشرة على “حالة” الإنسان ومصيره؟
لسنا بصدد عرض أوضاع البيئة المزرية، التي تؤدي مع مرور الوقت الى إضمحلال أو ربما انقراض بعض الكائنات الحيّة على سطح الأرض، إذا ما بقي الإنسان “الجاهل” و”المتهوّر” يتصرّف بطريقة “همجيّة” ضد الطبيعة (البيئة).
تتحدّث التقارير العلمية الدولية منذ مدّة: “إنّ لظاهرة تغيير المناخ آثاراً خطيرة، تهدّد الحياة على سطح الأرض[…] فإنّ تغيير المناخ سيجعل المحيطات أكثر دفئاً ومنسوبها أعلى وفاقدة للأكسيجن، وأكثر حمضية بوتيرة أسرع، بينما سيذوب الجليد والثلوج بشكل أكثر”.
هل المجتمعون في مبنى الأمم المتحدة، في الدورة الرابعة والسبعين (من ٢٠ الى ٢٧ أيلول ٢٠١٩) للجمعيّة العامة للأمم المتحدة، مدركون لمخاطر تدهور البيئة؟ أم أنّ “بعضهم” غير مكترثٍ لمصير الكون والبشرية؟ نعم، جميعهم يعلم بالأخطار المحدقة… ولكن للأسف لا يريدون تقديم حلولاً منطقية وعملية وفاعلة بشكل جدي، ومؤاتية للتحدّيات التي تواجه البشرية. لا بل لا يريدون حتى الإصغاء وتنفيذ ما يؤكّده العلم والمنطق وتركيبة “الطبيعة”. ألم تصبح الثقة منعدمة بين الدول؟
ليت كلّ هؤلاء المجتمعين يصبّون جهودهم للبحث عن مواجهة تحدّيات السلام والأمن، كما تحقيق حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، وإنتشار التطرّف وازدياد الفقر والعنف والمنازعات المسلّحة والحروب، إلى خطر أزمة المناخ العالمية.
أليست برامج التنمية المستدامة وسياساتها، تخفّف من الصراعات والخلافات بين الدول؟
ليت هؤلاء المجتمعين مع أفراد مجتمعاتهم يعملون معاً من أجل عالم يسوده السلام والأمن وتحقيق حقوق الإنسان، والحفاظ على الحياة على سطح الأرض.
ليعي هؤلاء المسؤولين – الحكام مصير أفراد أوطانهم والبشرية معاً، ويتنبّهوا للأخطار المحدقة، التي تطاول الكرة الأرضية. ليسهر هؤلاء على البعد البيئي، الذي هو القاسم الأول والمشترك بين أبناء الأرض.
لنعمل مع هؤلاء الحكام على المحافظة على البيئة، التي تسهم في إحلال السلام الحقيقي بين الشعوب، من خلال تقاسم الموارد الطبيعية والمحافظة عليها لأجيال الغد.
لندعم حماية البيئة وسلامتها، عن طريق توظيف مقدراتنا واهتماماتنا وعملنا في خدمة الأرض، أي البيئة من خلال حسن التعامل مع الموارد الطبيعية وتوظيفها وإستغلالها لصالح الإنسانيّة جمعاء، دون تفرقة أو إحداث خللٍ في مكونات البيئة.
لنتعلّق بالبيئة، لأنّ الله يرعى مسؤولية الكون السريع العطب، من خلال التربية على احترامها، واستغلالها بطريقة حضارية، وهذه مسؤولية الجميع، التي تتطلّب التحوّل والإرتداد في الذهنية والتصرف. لنعترف معاً أنّ قضية البيئة ترتبط بحياة الإنسان، من خلال تصرّفاته في المجتمع، وتجاه الطبيعة، أي تجاه الله.
هل يملك هؤلاء الحكام، جميعهم، النوايا الصادقة؟ أم يتفرّدون بإطلاق شعارات رنّانة “وأكاذيب”؟ أليست القيم مرتكزة على رقي الإنسان وسمو أخلاقه وحسن تصرفاته؟ لننقذ حياتنا البشرية من خلال محافظتنا على عطاء الأرض السخيّة.
كيف نحافظ على بيئة أفضل؟ ألسنا من يرمي النفايات بطريقة عشوائية ومقزّزة؟ ألا تقع علينا المسؤولية؟ لنحاسب ذواتنا إذا كنّا نملك الجرأة والشفافية والمساءلة.
نعم، لا سلام دائم وشامل وحقيقي دون المحافظة على البيئة. “أوَليس السلام مع الله الخالق، سلاماً مع مخلوقاته”؟