“الصلاة هي نفَس المسيحيّ ولا يمكننا التوقّف عن التنفّس” هذا ما كتبه البابا فرنسيس في كتاب نشرته إصدارات الفاتيكان بعنوان “الصلاة، نفَس الحياة الجديدة” وهو عبارة عن خطابات تلاها البابا حول الصلاة وقد كتب المقدّمة البطريرك الأرثوذكسي كيريل من موسكو. ننشر اليوم الجزء الأول منه على موقع زينيت وهي مقتطفات من الكتاب.
“الصلاة هي قبولنا بالربّ وبحبّه واستقبال الروح القدس الذي لا يكلّ أبدًا من فيض الحبّ والحياة على الجميع. وقال: “المعمودية هي بداية حياة جديدة. إنما ماذا يعني حياة جديدة؟ الحياة الجديدة للمعمودية لا تكون جديدة كما عندما نعمل أو ننتقل من مدينة إلى أخرى ونقول: “لقد بدأت حياة جديدة”. في هذه الحالات، تتغيّر الحياة بالطبع، وربمّا كثيرًا، فهي مختلفة عن الحياة التي قبلها: أفضل أو أسوأ، أكثر أهمية أو أكثر تعبًا، حسب الحالات والظروف، والسياق والزملاء والمعارف والصداقات والبيوت والراتب، فهي كلّها ربما مختلفة. إنما هي ليست حياة جديدة، إنها الحياة نفسها التي تستمرّ”.
تختلف الحياة الجديدة للمعمودية عن تغيّر جذري في مشاعرنا بسبب لقاء رومانسي أو خيبة أمل، مرض أو أي أمر غير متوقَّع. يمكن لأمور من هذا النوع أن تحصل كزلزال، داخلي وخارجيّ: يمكن أن تغيّر القيم والخيرات الكبيرة: مشاعر، عمل، خدمة تجاه الآخرين… ربما من قبل كنا نفكّر بالحياة المهنية ثم بدأنا نقوم بالتطوّع، وصولاً إلى بذل الحياة من أجل الآخرين! كنا نفكّر في تأسيس عائلة، ثم اختبرنا جمال الحبّ الزوجي والعائلي.
هذه التغيّرات أيضًا الكبيرة والاستثنائية، هي ليست تحوّلات فحسب بل هي تبدّلات تقودنا إلى حياة أجمل وأكثر حيويّة، أو أصعب وأكثر تعبًا…
ثم تحدّث البابا عن الحياة الجديدة التي يتحدّث عنها القديس بولس في رسائله التي تذكّرنا بالوصيّة الجديدة ليسوع (راجع يو 13: 34)؛ إنها تذكّرنا بالخمرة الجديدة للملكوت (راجع مر 14: 29)، النشيد الجديد الذي ينشده المخلَّصون أمام عرش الله (راجع أع 5: 9)؛ حقائق قاطعة وإن صحّ التعبير لاهوتيًا، هي إسكاتولوجية.
من هنا نفهم، أنه من المستحيل أن نقوم بمقارنات في الحياة الجديدة. هل يمكننا أن نقارن الحياة بالموت، أو الحياة قبل الولادة وبعدها؟ لم يجعل المسيح نفسه واحدًا منا ولم يعش عيد الفصح بالآلام والموت والقيامة “لتحسين” حياتنا بل لجعلها أكثر جمالاً وسهولة وسعادة… لقد أتى لتكون لنا الحياة بوفرة (راجع يو 10: 10).
إنها الحياة الجديدة، الحياة التي يقدّمها لنا الآب في المعمودية. إنها جديدة لأنها حياة أخرى بالنسبة إلى حياتنا، إنها حياة الله. إنها العطية الكبيرة التي منحنا إياها والتي يمنحنا إياها يسوع! المشاركة في محبة الآب والابن والروح القدس. المشاركة في المحبة التي يكنّها لكلّ البشر والخلق. الحياة الجديدة هي ممنوحة للجميع!”
(يتبع)